مالذي يحدث؟ أو ماذا حدث بالضبط؟ ما السر في هذا الغلاء غير الطبيعي الذي يجتاح الإمارات من أقصاها إلى أقصاها؟ غلاء لم يبق ولم يذر، غلاء تمدد وألقى بظلاله على كل السلع والبضائع والخدمات؟ يقولون إن غلاء الطماطم وبعض الخضراوات سببه فيضانات باكستان، وغلاء البترول سببه أسعار السوق العالمية، وغلاء البقدونس سببه العرض والطلب، وغلاء الكتب- وإن كنا أقل شعوب العالم شراء للكتب -سببه ارتفاع أسعار بيع وشحن الورق، فيا ترى ما هو سبب ارتفاع علبة المشروبات الغازية التي ظللنا العمر كله منذ كنا أطفالاً وحتى ما قبل الأزمة نشتريها بدرهم واحد فقط لا غير، فلماذا أصبحت بدرهم وربع يا ترى؟ هل للسوق العالمي صلة بالأمر أم أن بلاد الكولا والبيبسي غرقت هي الأخرى؟ أعتقد بأن مئات السلع والبضائع لا علاقة لها بفيضانات باكستان ولا بالبترول ولا بأسعار الشحن والتصدير وإعادة التصدير، كخدمات الاتصالات مثلاً، وكرسوم المدارس الخاصة؟ وكخدمات التأمين الصحي؟ ثم ما حكاية الأدوية التي زادت أسعارها بما يزيد على 100% دفعة واحدة؟ ولماذا زادت أسعار الخدمات الصحية في المستشفيات الخاصة والعيادات ومراكز ومختبرات التحاليل والأشعة بمجرد أن إقرار الضمان الصحي الذي تحول إلى استنزاف لأموال المؤسسات والحكومة بغير وجه حق، حتى صار المريض يخشى على نفسه من كثير من تجار الصحة!! السؤال ليس عن سبب الغلاء، ولا عن سبب الاستغلال، ولا عن من يستغل ومن يستنزف؟، فهذا كله بات معروفاً وصار مكشوفاً، السؤال ومكمن الاستغراب في عدم تصدي الجهات المسؤولة في كل الإمارات لهذا الاستغلال الذي يمارسه الكثيرون ضدنا وفي وضح النهار، وهنا لا نتحدث عن وزارة الاقتصاد فقط، بل إن المسؤولية صارت تقع على أطراف كثيرة جداً، كل في مجاله، ولكن لوزارة الاقتصاد دوراً كبيراً لأنها في تماس مع مجال حيوي يخص احتياجات الناس كافة من المواد الاستهلاكية الضرورية. مجالس التعليم أو وزارة التربية لها علاقة بارتفاع رسوم المدارس، وعليها أن تواجهها بحزم وصرامة، كما فعل مجلس أبوظبي للتعليم مؤخراً، فالمثل يقول “مين فرعنك يا فرعون، أجاب بأن لم أجد من يردني” وهو مثل ينطبق على كل شيء، بدءاً من صاحب البقالة إلى صاحب وكالة السيارات ووكالة السفر، فالمفروض أن لا أحد فوق القانون، والمفترض أن هذا القانون قد وجد لحماية الأفراد وحفظ حقوقهم، لكن يبدو أن هناك اختراقات كبيرة لموضوع الأسعار، والغلاء الفاحش قائم على مبدأ استغلال الظرف الاقتصادي بسبب الأزمة المالية العالمية التي أفرزت هذه الفوضى في الأسعار أو هذا الانفلات بمعنى أصح. ليس صحيحاً ولا مطلوباً ولا مقبولاً بأي حال أن تحل البنوك أزماتها المالية على حساب العملاء بفرض رسوم ما أنزل الله بها من سلطان، مرة بحجة صيانة الحساب، ومرة بحجة المعاملات عن طريق الكاونتر.. إلخ، لتعوض خسائرها وتراجع الاقتراض منها، كما أنه ليس مقبولاً هذا السكوت على هذه الظاهرة لأن الناس هي الأخرى تعاني بسبب انهيارات أسواق المال والعقار الشيء الكثير. والمطلوب تحرك حكومي سريع يوقف هذا الغلاء المستشري كالوباء. عائشة سلطان | ayya-222@hotmail.com