من المستبعد أن ترمي دبي إلى جمع مبلغ مليار دولار لسد حاجة ملحة في الوقت الراهن، فأهداف إصدار السندات المرتقب، أعمق من ذلك بكثير. حتى أن الأجل المتوقع للإصدار بواقع 5 إلى 7 سنوات، يعتبر استحقاقاً طويل الأجل نسبة للمبلغ المطلوب. تريد دبي أن تطلق “بالون اختبار”، بهدف جس نبض الأسواق واستشراف جدارتها الائتمانية من الناحيـة السـيادية بنظر المسـتثمرين العالميين، بعيداً عن عمليـات إعادة الهيكلـة التي تطبق بنجاح على عدد من شركاتها التابعة. ويعني ذلك أن الإمارة تسعى إلى فصل العام عن الخاص في أسواق الائتمان، من ناحية هيكلة الإصدار والتسعير وتكلفة التأمين على الديون. ولكن ذلك سينعكس بالضرورة على تكلفة التأمين على سندات الإمارة المصدرة من قبل شركاتها ومؤسساتها التابعة في الأسواق العالمية. ومن أجل ذلك، ألمح مسؤولون حكوميون إلى سير الإمارة باتجاه الحصول على تصنيف سيادي من وكالات الائتمان العالمية، يعطيها الصورة المطلوبة بعيون المستثمرين، ويطوي صفحة الثقة المهتزة باقتصاد الإمارة ككل، وفصله عن العقارات ولو بشكل مؤقت إلى حين استعادة النشاط. ما تملكه دبي من الشفافية لا يمنعها من فتح دفاترها أمام وكالات التصنيف حالياً، ولا في أي وقت مضى، حتى على صعيد القطاع الخاص، فالحقائق متداولة بوضوح، وكل خطواتها كانت “تحت الشمس”، بلا تكتم على خطأ أو حرج من تعثر قابل للعلاج. وخلال 6 أشهر، انخفضت تكلفة التأمين على ديون دبي في أسواق الائتمان بنحو 35%، وتعززت الثقة أكثر بعد الوصول إلى اتفاق بين دبي العالمية والدائنين. وهذا ما يستدعي التطرق إلى أهمية توقيت الطرح، فبعد أن قطعت دبي شوطاً في عمليات إعادة الهيكلة، وأعادت ترتيب البيت الداخلي، تتوق الآن لمعرفة نتائج تلك الإجراءات على المستوى العالمي. العملية بجوهرها سياسة مالية وليست سندات لجمع مليار دولار، ولا تستطيع وكالات التصنيف، التي تعاملت بقسوة مع دبي إبان الأزمة، أن تتغاضى عن الحكمة التي عالجت بها الإمارة بعض الملفات المقلقة، فليس العبرة بتضخيم المرض، ولكن العبرة بوصف الدواء الشافي. بهاء هارون | baha.haro n@admedia.ae