يدور في أذهان وعلى ألسنة الناس في أيامنا هذه سؤال لايعرفون إجابته يدور حول أسباب الغلاء الفاحش والمستشري في كل مكان، في منافذ بيع البنزين ، البقالات ، الجمعيات التعاونية ، الأسواق، أسواق السمك والخضراوات والفواكه ، محال الملابس ، المطاعم، شركات توزيع الغاز والمياه المعدنية و.... إلى مالا نهاية ، وستجد نفسك أمام لغز كبير إذا حاولت الإجابة عن سؤال : ما هو الشيء الذي لم يرتفع سعره خلال الأشهر القليلة الماضية عدا الإيجارات والعقارات ؟ الغريب أن الكل يسأل والكل يبحث عن سبب ولا أحد يتبرع لنا بإجابة شافية ومقنعة !! طبعاً نحن لا نحمل أي أحد مسؤولية الإجابة ، فالمسؤولية تقع على أطراف معروفة في المجتمع مثل : التجار والموردين ووزارة الاقتصاد ، وغرف التجارة ومجالس سيدات الأعمال، وفي هامش الدائرة تقع أطراف لا حول لها ولا قوة لكنها في النهاية ستتحمل المسؤولية بالإكراه نيابة عن الآخرين ، طالما أننا كمجتمع لا نريد أن نضع أصبعنا على الداء ونشير بصريح العبارة الى الأطراف المسؤولة مباشرة ، لتتحمل وزر هذا الغلاء الذي نعاني منه جميعاً ! كنا نتسوق حاجياتنا الأساسية والبسيطة من الجمعيات التعاونية وبعض نقاط بيع الأغذية والمواد الاستهلاكية الأخرى ، أما قيمة الفاتورة فتتوقف على حجم تسوق كل شخص على حدة بحسب حجم احتياجاته وعدد أفراد أسرته واستراتيجيته في التسوق ، هل يتسوق بشكل شهرى أم أسبوعي أم يومي ، لكن في كل الأحوال لم يكن ثمن بضعة احتياجات بسيطة يتجاوز الخمسين درهماً في يوم من الأيام، أما اليوم فلا يمكنك أن تحلم بدفع هذا المبلغ أبداً حتى لو أن احتياجاتك لا تتعدى مستلزمات الفطور الصباحي اليومي ! أسطوانة الغاز تحولت الى عبء حقيقي يضاف إلى عبء بنزين السيارة ، ومصروف لوازم البيت اليومية تحول إلى عبء آخر ، بينما من كان لدية أربعة أو خمسة أطفال فإن لا شيء نستطبع أن نقوله له سوى كان الله في عونه خاصة مع قانون الموارد البشرية في بعض الإمارات والذي سحب من حقوق الموظف الكثير من الامتيازات المادية كعلاوة الزواج وعلاوة الأبناء مثلا والتي كانت على محدوديتها سابقاً إلا أنها كانت تعين على نوائب الغلاء للأشخاص الذين لديهم أسر كبيرة بعض الشيء !! إذن كيف نطالب الشباب بالزواج وإنجاب العديد من الأطفال لمواجهة خلل التركيبة السكانية ؟ طالما أننا لا نعينهم بأي شكل كان، لا بالعلاوات ولا بمواجهة وحش الغلاء الذي لا يترك الأسرة في نهاية الشهر إلا وهي تترنح تحت ضربات القروض ، أو على أقل تقدير تحت ضربات التقشف والأزمات العائلية . لا نريد الخروج عن حدود الغلاء ، لكننا نعتقد أن كل الخيوط تتشابك وتقود كل الطرق إلى روما – عندما كانت روما عاصمة العالم – اليوم الغلاء هو داء العالم وعلينا أن نواجهه بخطط واستراتيجيات حكومية مقننة لا تظلم التاجر لكنها لا تجعل الإنسان البسيط بين فكي الرحى : الغلاء والمتطلبات التي بلا نهاية ! عائشة سلطان | ayya-222@hotmail.com