قبل منتصف نهار أمس، تابعت حادثاً مرورياً في الشارع الواقع خلف” المهيري سنتر” بمنطقة الخالدية، فجأة ودون مقدمات اصطدمت سيارة”فان” لنقل الحلويات بثلاث سيارات في الاتجاه اليمين، وثلاث مركبات أخريات في الاتجاه المعاكس. أصيبت المركبات السبع بإصابات متفاوتة، ولم تقع أي إصابة بشرية، ولله الحمد، وسرعان ما تجمع الناس الذين فوجئوا بأن السائق الأول أصيب بعارض صحي بغتة، جعله يفقد السيطرة على السيارة التي اصطدمت بالسيارات الأخرى يميناً وشمالاً. وقبل أن تعُم الفوضى المشهد، في ذلك الشارع الداخلي الحيوي، وصلت دورية للشرطة بسرعة، نظمت المرور، ووفرت انسيابية الحركة في المكان، بانتظار إسعاف السائق، الذي قيل إنه أصيب بنوبة صرع. وصول دورية للمرور بسرعة، وفي وقت قياسي يعكس مقدار جاهزية دوريات المرور وكفاءة انتشارها وتوزيعها، إذ لم تمض أكثر من ثلاث دقائق، إلا وكان رجال الدورية في الموقع، يقومون بواجبهم في تسيير الحركة التي كانت قد شُلّت في المكان للحظات، لأن عدد السيارات المتضررة في الاتجاهين يعد كبيراً، قياساً للشارع الضيق ذي المسار الواحد في كل اتجاه. ولكثافة الحركة التي يشهدها هذا الشارع الحيوي، جراء وجود العديد من المحال والمراكز التجارية، إلى جانب مراكز لاستخراج تأشيرات زيارة عدد من الدول الأوروبية. كما أسهمت سرعة وصول رجال المرور وأفراد دوريات”ساعد” في إبعاد المتجمهرين والفضوليين الذين يتجمعون في مثل هذه الأحوال، ويتسببون في إعاقة وصول المسعفين من ناحية، ويزيدون من إرباك الحركة في محيط منطقة أي حادث من ناحية أخرى.
حادث الأمس أثار الحديث مجدداً عن غياب آلية لمتابعة الحالة الصحية للسائقين، وما يطرأ من تغير على هذه الحالة. فرخصة القيادة التي تمتد صلاحيتها لمدة عشر سنوات، تتسبب في انعدام أي شكل لمثل هذه المتابعة. والكثير من السائقين لا يُبلغ الجهة التي يعمل بها بحالته الصحية، وما إذا كان يعاني من عوارض صحية وأمراض كالصرع أو السكري، وغيرها من الأمراض التي قد يُغمى على المصاب بها في أي لحظة، وهو يقود سيارته، ويتسبب بما قد لا تحمد عقباه على حياته، وحياة الآخرين، ممن قد يتصادف مرورهم في المكان ذاته عند إصابة السائق بغيبوبة أو غيرها من العوارض الصحية. ويحجم السائقون المصابون بمثل هذه الأمراض عن إبلاغ جهات عملهم، خوفاً من الاستغناء عن خدماتهم، من دون أن يهتموا بتبعات مثل هذه الأمر.
وإذا كانت حادثة الأمس، بسيطة الأثر، و”قدّر ولطف”، كما نردد في مثل هذه الأحوال، إلا أنها تفتح أمامنا جدلا، حول ضرورة سد ثغرات مثل هذه، والتي تتطلب وعياً في المقام الأول من أصحاب الشركات لرصد الحالة الصحية للعاملين معهم، وتفاعلاً إيجابياً مع خطط وبرامج التوعية المرورية التي تعوّل عليها إدارات المرور في” الداخلية” من أجل الحد من الحوادث، ووقف النزيف الذي تشهده شوارعنا وطرقنا الداخلية والخارجية على حد سواء. وتحقيق هذه الغاية السامية، مسؤولية جماعية ومجتمعية، تتطلب مشاركة الجميع، واستشعار الدور المطلوب من كل فرد في المجتمع، لأجل سلامة الجميع.


ali.alamodi@admedia.ae