لست أدري لماذا أصابني هذا الملل من الكتابة عن حال أنديتنا في دوري أبطال آسيا، بل وحتى مجرد تذكر أن لنا فرقاً تلعب في آسيا، ربما باستثناء الإمارات الذي كنا نطمئن عليه بين الحين والحين، مثمنين ما يقدمه بالرغم من إمكانياته والظروف التي تكالبت ضده، وما زال لديه أمل في المنافسة على البطاقة الثانية بمجموعته، في الوقت الذي جلست فيه بقية أنديتنا قبل أن تكمل الجولة الأولى، وحتى دون أن تندب حظها أو تشعرنا بالمرارة وبأنها حزينة، كما لو أنها خططت لذلك منذ البداية أو أن هناك استراتيجية نحن لا نعلمها. المهم وحتى لا تستدرجني نفسي إلى الفخ الذي أهرب منه، وتجرني إلى آسيا وأحزانها، سأغادر سريعاً إلى ألمانيا، حيث شغلني ما فعلته جماهير نادي اينتراخت فرانكفورت بلاعبيها، وما يحدث هناك عامة على صعيد الجماهير والممتد إلى كولون، وتهديد الجماهير للاعبي الفريقين بالقتل بسبب سوء النتائج، لدرجة أن جماهير اينتراخت كتبوا على لوحة إعلانية بملعب التدريب لفريقهم “سنقتلكم إذا هبطتم إلى دوري الدرجة الثانية”، كما فعلت جماهير كولون نفس الشيء مع لاعبيها ولكن بوسائل أخرى. الأمر استدعى تدخل الشرطة التي منعت اللاعبين من التدريبات بهدف حمايتهم من سخط الجماهير، واعتقلت 20 مشجعاً وأطلقت النيران في الهواء، بعد قيام 200 مشجع بالالتحام بالفريق خلال عودته من المباراة التي خسرها أمام ماينز، وتراجع بسببها إلى المركز الثالث من قاع الدوري هناك. حمدت الله على أننا في الإمارات ليس لدينا هذا الجنون الجماهيري الذي خرج عن كل النصوص والأعراف، ووضع الألمان في ورطة، لدرجة أن الأمر لديهم بات ظاهرة يتدارسونها بحثاً عن علاج لها، خاصة بعد أن أصيب قرابة ألف شخص العام الماضي من جراء الشغب، وتمت محاسبة أكثر من ستة آلاف مشجع بتهم جنائية بسبب الكرة. الكرة لعبة مثيرة بالطبع، وتعلق الجماهير بأي فريق أمر جيد، يساهم في تلك الحماسة التي نراها في الملاعب حولنا، ويذكي روح التنافس لدينا، فنشعر بأن هناك رهاناً لكل منا، ولكن من المفترض أن كل ذلك، هدفه أن نبتسم أو أن نرفه عن أنفسنا وليس أن نتقاتل ويزج بنا في أقسام الشرطة، ونحول إلى المحاكم لأن الأمر ساعتها سيكون مؤشراً على شيء خطير، وهو أن من وصل هذا الحد من الجنون، يفتقد الوجهة والوازع. المشكلة أن هذه المظاهر للعنف الكروي، تطل برأسها بين الحين والآخر على ملاعبنا العربية، ولكن بحدة أقل، فنرى نماذج منها في دوريات شقيقة، مثل مصر وتونس والجزائر والمغرب، والعديد من الدوريات الجماهيرية والتي تتابع المباريات فيها عشرات الآلاف من الجماهير، بل وصل الأمر حد تشكيل جماعات جماهيرية شديدة التعصب يسمونها “الألتراس”. بالطبع لا نود أن نشهد مثل ذلك في محيطنا العربي والإسلامي، فالمفروض أن لدينا الوجهة السليمة والحافز، والمفروض أن تعاليم ديننا وقيمنا وتقاليدنا تحول بيننا وبين المغالاة في التشجيع، والتحول بلعبة للترفيه إلى ساحة للتناحر، سواء بين جماهير النادي ولاعبيها أو بين جماهير الأندية المتنافسة. كلمة أخيرة مهما بلغ حد ولائك وحبك لناديك، فلا شيء يستحق أن تكون ضد نفسك وضد الناس والخير. mohamed.albade@admedia.ae