بالتأكيد نحن مع اليمن، ومع سيادته سليمة معافاة من العلل والأهواء والأرزاء، مع اليمن القابع دوماً في الخاصرة المتحدر من جذور العراقة، القابض على جمرات البقاء بكل ما يملك من قدرات وطاقات، والتي ينبغي أن تُسخر لصالح الإنسان اليمني، ليستعيد هذا البلد التاريخ وشيمة بلقيس العظيمة.
بالتأكيد ولا خيار لنا غير اليمن السعيد، بعيداً عن حراك المتحركين خارج السرب، وبعيداً عن المتمترسين عند جبال البغض، لأن اليمن يجب أن يكون سعيداً بسعادة أهله، واستعادة مجده واستبعاد كل ما يؤرقه ويقلقه ويرهقه، ولصالح هذا البلد لابد أن يتخلى الجميع عن مساحة المطالب الضيقة، لأن فضاء اليمن أوسع بما يتمتع به من قدرات على النهوض، ومواكبة ما تسير عليه دول المنطقة، ويستطيع هذا البلد بسواعد أبنائه أن يتخلص من حروب داحس والغبراء، وأن يرتفع أبناؤه جميعاً في المعارضة والحكومة إلى مصاف الخطاب الوطني، الذي يحفظ اليمن من التمزق، ومن مخالب الشيطان، وأن يسمي الجميع بالرحمن، كي لا تتوغل الأصابع المرتجفة في النسيج، لأجل تغيير الألوان والأشجان.
بالتأكيد نحن مع اليمن ومصالحه القومية، التي هي مصالحنا، كون هذا البلد يقطن عند شغاف القلب، ويرخي خيمته عند مشارف الروح.. بالتأكيد نحن مع اليمن، وبخاصة وهو يمر اليوم في أصعب مراحله، والعيون ترقب والنفوس ترغب أن ينكسر حاجز الرعب والرعب المضاد، وأن ينتبه الجميع إلى أن حرية اليمن تنبع من تصالح الجميع مع النفس، ومن تغليب المنطق والعقل على كل تغضنات امتلكت القلوب إثر احتباسات حرارية أُجِّجت واحتقنت وحقنت الصدور، بما لا يقبل للروح إلى الوراء، إلا إذا فكَّر الجميع باليمن، وفكَّر الجميع بأن الاعتصام لا يلغي الخصام، وأن الانتقام لا يصنع الوئام.
اليمن اليوم بحاجة إلى تنازلات الجميع، وإلى تفاهم الجميع على القواسم المشتركة، وأولها وأهمها حفظ الدماء وصونها من الضياع، جرَّاء محاولة فئة إثبات وجودها على حساب فئة. بالتأكيد نحن مع اليمن، ولكن لا أحد يستطيع أن يحل المعضلة في اليمن غير أهله، وهم جديرون بالفعل، إذا حكّموا الإرادة، وجنَّدوا العزيمة لصالح البلد واستطاعوا أن يغيروا معادلة الصراع بمعادلة الوفاء الوطني.. فلا أحد لا يخطئ ولا أحد معصوم من الخطأ، ولا أحد مُنزل من السماء، ويمتلك حقيقة الصواب، فمن يعمل لابد وأن يخطئ، المهم أن نقر بالخطأ وأن نصوّب أخطاءنا بحكمة العقلاء بعيداً عن الذاتية، وبعيداً عن التخندق باتجاه ضيق، ونعتقد أننا نملك صكوك الغفران نهبها لمن نهب، ونمنعها عمَّن نريد أن نمنعها عنه.. اليمن في نهاية المطاف بحاجة لتناسق جميع الألوان الصناعية، وصياغة قصر بلقيس من جديد.. حفظ الله اليمن، ومَنَّ على أهله بفطنة الحل الذي لا يغل ولا يفل.


marafea@emi.ae