قصة رسوم المدارس الخاصة قصة عجيبة غريبة كأشياء كثيرة في زمن العجائب، تذهب بطفلك الذي لم يتجاوز الثالثة إلى المدرسة الحكومية فيعتذرون منك بكل الأعذار التي عرفها الإنسان منذ الخليقة، ليصلوا إلى نتيجة واحدة، وهي أنه لا شاغر لطفلك، فتسحب طفلك المسكين من يده وراءك وأنت «تتحرطم» لأنك رضيت بالهم والهم لم يرض بك، فقد رضيت في ظل الغلاء والأزمات المالية المتلاحقة أن تعلم ابنك تعليماً متدنياً، ومع ذلك ولأن الأمور تسير دائماً بـ«المعكوس» تجد المسؤولة ترفض الطلب بأعذار واهية وليس أمامك إلا المدارس الخاصة التي أعلم ويعلم كثيرون أنها ليست أفضل كثيراً من الحكومية إلا ما ندر منها أو غلا ثمنه وارتفع إلى أرقام فلكية لا يقدر عليها إلا أصحاب الأرصدة السمينة البدينة حتى التخمة.. اللهم لا حسد ونسال الله أن يزيد ويبارك، غير أنك وبعد أن تنقذ ابنك من شبح عدم تسجيله هذا العام في المدرسة التي في الغالب لن يتعلم فيها وهو في هذا السن سوى الرسم واللعب ستجد أمامك رسوماً مخفية وأخرى معلنة، تقبل دفعها مرغماً خوفاً على مصير الولد المجهول، هل يعقل أن تكون الرسوم الدراسية لطفل في الثالثة تصل إلى ثمانية عشر ألف درهم، أليس هذا نوعاً من الافتراء، ثم لا تنتهي بعد أن تدفع ذلك المبلغ، فهناك رسوم الملابس والكتب والباص، وهناك رسوم «للفيلد تريب» أو للوسائل التعليمية وهكذا من قوائم لا تنتهي من طلبات المدارس والمدرسين المشروع منها وغير المشروع.. غير أنه ربما يكون هناك في وسط هذه الغابة السوداوية من يشعل شمعة مثل مجلس أبوظبي للتعليم الذي يبحث عن وسائل مبتكرة لتطوير التعليم في الإمارة، لكن التطوير يحتاج إلى زمن حتى يصبح ثقافة سائدة، ثم وإذا تمكنا من تطوير قطاع التعليم علينا قبلها أن نطور عقليات المشتغلين بالعملية التعليمية سواء كانوا مسؤولين أو مستثمرين أو حتى معلمين.. وحتى مع ظهور عدد من مبادرات المجلس فإنها تبقى محكومة بأمور عدة لا علاقة لها بالتعليم، وإنما لها علاقة بالمعارف والعلاقات الشخصية، وما يقوم به كبار المسؤولين من جهد وبذل وعطاء يضيع نصفه في المحسوبية والفئوية. ولن أزيد ففي فمي ماء.. اليد الواحدة لا تصفق وهناك لا شك مبادرات أخرى جيدة في وزارة التربية والتعليم غير أن المسألة أكبر من مجرد مبادرات ومناهج أو طريقة تعليم أو تلقين، إنها مسألة أمانة لأن ناتج هذه الأمانة هو مستقبل هذه الأمة.. أمل المهيري | amal.almehairi@admedia.ae