إذا كانت «أف» عقوقاً للوالدين، فماذا نقول عن الإهانات، والرمي في دور العجزة، وتفضيل الزوجة والأبناء عليهما! مع تقدُّم الحياة وتطورها، بدأت الأسرة العربية في التفكك نوعاً ما، وتأثرت بالعادات الغربية البعيدة عن أخلاقنا العربية الأصيلة، ومع رخاء العيش الذي نعيش فيه، أصبحت «الأنانية» استقلالية، والانفلات من الآداب تحرراً، والتمسك بالقيم رجعيةً وتقوقعاً. نتحسّر على أيام القلة وكفاف العيش، أيام البيت الواحد الذي يتسع لكل الأبناء المتزوجين، يجتمعون على مائدة واحدة، يعيش الآباء والأبناء والأحفاد، في بيت واحد، ضيّق بغرف أقرب للأعشاش، واسع بقلوب أجداد وآباء وأبناء، وأحفاد، زادهم راحة البال. بعض أبناء اليوم يبجّلون زوجاتهم أكثر من والديهم، خوفاً تارة، وتفضيلاً لحبيبات القلوب، الزوجات تارة، بل منهم من يهين والديه كرمى لعين الزوجة المصون، ولا يرف له جفن وهو يرى زوجته تنكّل بأمه! بل يزيد الطين بلَّة بأن يسيء بنفسه لوالدته! ما أقساها من قلوب تلك التي تنسى المعروف والإحسان، فكيف بمن يهينون من أفنوا حياتهم في سبيل تربيتهم، وكانوا سبباً في وجودهم! «أف» كلمة تضجّر بين الإنسان ونفسه، فكيف بالإهانات، وغيرها؟ أفّ: الهمزة والفاء في المضاعف معنيان، أحدهما تكرُّهُ الشيء، والآخَر الوقت الحاضر. قال ابن دريد: أفَّ يؤفُّ أفّاً، إذا تأفَّف من كرب أو ضَجَر، وَرجلٌ أفّافٌ كثير التأفّف. وقال الفراء: أُفِّ خفضاً بغير نون، وأُفٍّ خفضاً مع النون، وذلك أنه صوت، كما تخفض الأصوات، فيقال طاقِ طاقِ. ومن العرب من يقول أفُّ له. قال: وقد قال بعضُ العرب: لا تقولن له أُفّاً ولا تُفّاً، يجعله كالاسم. قال: والعرب تقول: جعل يتأفّف من ريحٍ وجَدَها ويتأفّف من الشدّة تُلِمّ به. قال الخليل: الأُفُّ والتُّفُّ، أحدهما وسخ الأظفار، والآخر وسخ الأُذن. قال: قال ابنُ الأعرابي: يقال أفّاً له وتُفّاً وأُفّةً لَهُ وتُفَّةً. قال ابن الأعرابيّ: الأفَف الضّجر. والأَفَفُ الضَّجَرُ، وقيل: الأُفُّ والأَفَف القِلة، والتُّفُّ منسوق على أُفّ، ومعناه كمعناه، وسنذكره في فصل التاء. وأُفّ: كلمة تَضَجُّرٍ وفيها عشرة أوجه: أُفَّ له وأُفِّ وأُفُّ وأُفّاً وأُفٍّ وأُفٌّ، وفي التنزيل العزيز: «ولا تَقُلْ لهما أُفٍّ ولا تَنْهَرْهُما» (سورة الإسراء، الآية - 23)، وأُفِّي مُـمالٌ وأُفَّى وأُفَّةٌ وأُفْ خفيفةً من أُفّ المشددة، وقد جَمَعَ جمالُ الدِّين بن مالك هذه العشر لغات في بيت واحد، وهو قوله: فأُفَّ ثَلِّثْ ونَوِّنْ، إن أَرَدْتَ، وقُل: أُفَّى وأُفِّي وأُفْ وأُفَّةً تُصِبِ وأَفَّفَه وأَفَّفَ به: قال له أُف. وتأَفَّفَ الرجلُ: قال أُفَّةً وليس بفعل موضوع على أفَّ عند سيبويه، ولكنه من باب سَبَّحَ وهَلَّلَ إذا قال سبحان اللّه ولا إله إلا اللّه. إذا مَثَّلَ نَصْبَ أُفَّة وتُفّة لم يُمَثِّلْه بفعل من لفظه كما يفعل ذلك بسَقْياً ورَعْياً ونحوهما، ولكنه مثَّله بقوله. إذ لم نجد له فعلاً من لفظه. يقال أُفّاً له وأُفَّةً له أي قَذَراً له، والتنوين للتنكير، وأُفَّةً وتُفَّةً، وقد أَفَّفَ تأْفِيفاً إذا قال أُف. ابن الرومي: كـــــــــلُّ نفسٍ لِمَوْقِــــــتِ ليسَ حـــــــــــــيٌّ بِمُفْلِتِ مـــــــــات من كان شامـــلاً بــــــــــــالحيا كلَّ مُسْنت كبدي مُـــــــــذْ دُهِيتُ فيــ ــــــكَ بِكـــــــــَفَّيْ مُفَتِّتِ نـــــــــالني فيك من زمــــــا نِــــيَ إعنـــــــــاتُ مُعْنِتِ يـــــــــا خصيماً عن الهـدى مُسْكتاً كــــــــــلَّ مُسْكِتِ قلتُ للدهـــــــــر إذ أصَـــــا بك أخطــــــــــأتَ فاكفِتِ خِبْتَ يا دهرُ بعدَهُ ............... فاحْيَ إن شئتَ أَو مُتِ كان مَحْيَاهُ فيكَ أفّ ............. ضَل حِينٍ ومَوْقتِ Esmaiel.Hasan@admedia.ae