وصل مسافر إلى مطار أبوظبي الدولي قادماً من لندن في طريقه إلى وطنه الأم، لم يجد أحداً من أبنائه الذين يعملون في الدولة بانتظاره، فأدرك أن خطأ ما قد حال دون أن يكونوا في انتظاره. فبدأ القلق يتسرب إليه ويضع “سيناريوهات” إعادته على أول طائرة مغادرة، خاصة أنه لم تكن لديه تأشيرة دخول. إلا أن الرجل ذُهل من مستوى المعاملة التي لقيها في المطار من قبل شباب”مرحبانيين”، رافقوه إلى مكتب لخدمة المسافرين والمارين . هناك بذلوا جهداً كبيراً لمحاولة الوصول إلى أبنائه، ولما كان الوقت متأخراً، والرجل قطع رحلة طويلة، تركوه ليخلد للراحة والنوم، بعد أن قاموا بواجب ضيافته”.
وعندما استيقظ فوجئ بأن الشباب قد قاموا بالاتصال بأسرته في الخرطوم، وحصلوا على أرقام الأبناء في أبوظبي، ليتصلوا بهم لاصطحاب والدهم ضيفاً مرحباً به في “إمارات الخير والمحبة”. هذا الموقف هز الرجل، وهو بالمناسبة صاحب قلم، فسطر يراعه في زاويته بالزميلة” الرأي العام” السودانية. وكتب يقول”فوجئت بكل هذا الجهد والعناية والصبر في أداء هذه الخدمة، وفي وقت متأخر من الليل، ومن شباب صغار، ولكن ما فعلوه جعلهم كباراً لأنهم أدوه بكفاءة وإخلاص وجدية”.
وقال” لقد كان واضحا ارتباط الإماراتيين بوطنهم وتفانيهم في أداء مهامهم وأعمالهم، ولذلك لم أفاجأ عندما طالعت أن دولة الإمارات العربية المتحدة احتلت المرتبة 16 في قائمة أكثر دول العالم سعادة، أي من بين أكثر من 200 دولة، وأحرزت هذه المكانة بجدارة واستحقاق”. ومضي يقول” إن ما لمسته من اطمئنان وثقة وتفاؤل لدى المواطنين الإماراتيين، ينعكس سعادةً وارتياحاً في خدمة دولة توفر لهم كل شيء في المجالات كافة وعلى جميع المستويات، منذ النشأة إلي التعليم إلى السكن إلى أجواء الحياة النظيفة والبيئة النقية، دولة الإمارات تحولت إلي نموذج متقدم يستحق التقدير والاحترام”.
انتهت مقالة الرجل، وتذكرت ما ذكره مواطنه البروفيسور على شمو في محاضرة له مؤخراً في أبوظبي، عن بدايات الإعلام الخارجي للدولة. وقال شمو الذي عمل خبيراً إعلامياً، ثم وكيلاً لوزارة الإعلام في مراحل مبكرة من قيام الإمارات، إنها اعتمدت أسلوب دعوة الصحفيين لزيارة الدولة للكتابة عن الواقع، وليس أكثر من ذلك، بعيداً عن أساليب البحث عن “التلميع” الذي كان سائداً في تعامل آخرين مع الإعلام. لذلك فإن الموقف الذي حرك قلم الأستاذ محمد سعيد محمد الحسن، يراه العاملين في مطارات ومنافذ الدولة”واجباً”.
وقبل هذا المقال، تابعنا كيف انبهر صاحب برنامج”خواطر” التلفزيوني بمستوى الأداء الرفيع والتعامل الراقي للعاملين في مطاراتنا مع المسافرين، وانبهر أكثر عندما عرف أن العاملين في مطار دبي الدولي الذي تعامل العام الماضي مع أكثر من 47 مليون مسافر، شعارهم دائماً” المسافر يُعان ولا يُهان”. فتحية تقدير كل فرد من هؤلاء الجنود في كل منفذ من منافذ الإمارات، وهم يحركون بمواقفهم ومبادراتهم كل مسافر تعامل معهم، وكانوا بحق عنواناً لضيافة الإمارات وأصالة الإمارات.


ali.alamodi@admedia.ae