منذ سنوات كتب الروائي البرازيلي الأشهر باولو كويلو رائعته الخيميائي، ليقول عبر حكاية البطل الشاب الذي جاء من بلاده إلى المغرب عابراً الصحراء إلى أهرامات الجيزة في مصر، باحثاً عن كنز رآه في المنام بأنه مخبأ عند سفح هذه الأهرامات، إن الإنسان حين يقرر الحصول على شيء، أو حين يحلم بالحصول على شيء، فإن العالم كله يتضافر ليحقق له هذا الحلم، أو كما عبر كويلو قائلاً: إن العالم كله يتآمر معك ليضع هذا الحلم بين يديك!
كانت رواية الخيميائي، أو الكيميائي، من البساطة والعذوبة بحيث صارت الرواية الأكثر انتشاراً وقراءة بين الجماهير على اختلاف الأعمار، لأنها ببساطة كانت تعبر عن قضية وجودية كبرى في حياة الناس، قضية النضال والتعب الإنساني في سبيل تحقيق الحلم، قضية الأحلام التي تتسرب من بين الأصابع كالماء فتصير سراباً، وتلك الأحلام التي مهما تمادى الزمن وتكالبت الظروف ضد صاحبها تصير حقيقة ساطعة ذات صباح، كان السؤال الأهم الذي طرحه عمل كويلو الروائي هو: لماذا تتحقق بعض الأحلام رغم صعوبتها، ولماذا تنكسر أحلام أخرى رغم عدالتها؟ ما هو العامل الأساسي والأهم في مسألة تحول الحلم من فكرة مجردة إلى واقع ملموس؟ ما هو الثابت، وما هو المتحول في أحلامنا؟ من يقود الآخر إلى النهاية السعيدة أو التعيسة، نحن أم الفكرة؟
ومنذ مدة ليست ببعيدة ظهر كتاب حقق شهرة عالمية لا تقل عن شهرة الخيميائي، وصار الأكثر قراءة ومبيعاً، إنه كتاب السر للكاتبة الأسترالية روندا بايرون، والذي طبع بالإنجليزية، وتم تحويله إلى أسطوانة (CD)، ومن ثم إلى (DVD)، ليزيد عدد قراء الكتاب أكثر وأكثر عبر التقنيات الحديثة، وحين تحمست مقدمة البرامج الشهيرة أوبرا وينفري للكتاب وعرضته في برنامجها الحواري ذائع الصيت، فإنها منحت الكتاب شهرة أكبر وإقبالاً أشد.
باختصار يروي كتاب السر شيئاً مهماً حول قانون الكون الأول والأساسي: قانون التجاذب أو الجاذبية، والمقصود هنا جاذبية الطاقة، فقدرة الإنسان على تحقيق أفكاره وأحلامه تعتمد على قدرته على إرسال طاقة تلك الفكرة أو الحلم إلى الخارج، إلى المحيط، إلى الأشخاص المعنيين بتلك الفكرة شرط أن يرسلها بشكل إيجابي، بمعنى أن يكون مؤمناً بفكرته، متحمساً لها، ومقتنعاً بأنها ستتحقق وبأنه قادر على تحقيقها لأنه سيعمل كل ما في وسعه، ليفتح كل الطرق المؤدية إلى تلك النهاية السعيدة، وهنا فإن الطاقة المغناطيسية الموجودة في الكون ستجذب هذه الطاقة المنبعثة من هذا الشخص لتردها إليه، طاقة موازية عبر مرورها بالمحيط الذي أرسلت إليه، والأشخاص أو الجهات المعنية بتلك الفكرة، باختصار، فإن السر هو أن قانون الجاذبية هذا يحول الأفكار إلى حقائق طالما أرسلت عبر نطاق مغناطيسي إيماني، فالطاقة الإيجابية تسير وتنعكس ومن ثم تعكس طاقة إيجابية مماثلة، أما الطاقة السلبية فإنها تواجه رداً مشابهاً بالتأكيد.
ولذلك فإن الأشخاص المحبطين، المتشائمين، الناقمين واليائسين وكثيري التبرم والشك لن يعكسوا للكون سوى كلمات سلبية، وطاقة سالبة، وطالما كانت نظرتهم سلبية وفكرتهم سلبية فإن ما سيرتد إليهم سيكون سيئاً وسلبياً بالتأكيد، ولا غرابة في الأمر، فالقضية كما هي عندنا في أدبياتنا المتداولة: «تفاءلوا بالخير تجدوه»، هذا هو السر الحقيقي الذي نسيناه لكثرة ما شغلتنا الكوارث والمآسي التي نفتح أعيننا عليها كل صباح ونغلقها كل مساء، عبر قنوات الإعلام المختلفة وعبر اختناقات الحياة اليومية!


ayya-222@hotmail.com