المدرسة بيت الأحلام، والمكان الذي ينسج فيه العقل البشري خيوط المستقبل الدقيقة والرقيقة، المتدفقة شلالاً أبيض ناصعاً، المتألقة نجوماً تتحرك مترافقة ومتوافقة مع رغبات الإنسان وطموحاته، ولوحاته التشكيلية الملونة بألوان الأزرق الصافي، والأخضر اليانع، والأبيض اليافع.
المدرسة تحفظ بين جدرانها أشجان الناس الغارفين من وقت التعلم، العازفين على وتر المقبل من الأيام، المنتسبين إلى الحياة بكل فصولها وفواصلها ومفاصلها وأشياء أخرى تدور رحاها في الأذهان لا يعلم سرها إلا من يكابدها.
والاعتناء بالمدرسة هو استدعاء للذاكرة بأن تقدم أجود ما لديها من زهرات العطاء، من أجل إنسان يراد له أن يكون رجل المستقبل ولقلمه أن يسطر أمجاد الوطن ونبوغ التراب، وبلوغ السحاب مبلغ المزن الثري بمائه وعذب عطائه. وفي زمن انفتحت فيه فضاءات العقل واتسعت رقعة الطموحات بات من المستحيل الترسب عند نقطة التجمد، وصار من المستحيل ألا تستيقظ العقول والعالم يحشد جُلّ سواعده من أجل حصاد الحقول، والسعي قدماً باتجاه الجديد وتحقيق جل ما يبدعه العقل. صرنا أمام الامتحان الصعب، أن نكون أو لا نكون، وأن نتحرك باتجاه المستقبل أو تجرفنا مياه ريح الشمال العاتية، الأمر الذي يفرض علينا بجدية وإلحاح أن نختزل الزمن وأن نحرق المراحل لنلاحق الصفوف الذاهبة إلى الأمام بالتزام واحتشام من أجل الإنسان ومن أجل أوطان تستحق منا الجهد والتفكير بمسؤولية تجاهها من دون تردد ومن دون وهن. فالراسبون في الامتحان التعليمي والتربوي لا مكان لهم غير الهامش والحواف الخطرة.. من أجل ذلك وبالوعي الجاد تمضي اليوم أبوظبي نحو تأسيس طاقة تعليمية لافتة، ونحو ممارسة مسؤولة في حقل التعليم لتحقيق الأحلام الجميلة، وترسيخ النوايا النبيلة، وتأكيد لما للتعليم من أبعاده الإنسانية والأخلاقية، وتوثيق الصلة بين المستقبل وازدهار الوطن. مائة مدرسة خلال 10 سنوات مستقبلية تطالع النجوم وتلامس شفاف السحاب، وتغرف من أتون الفضاء العام ما يحقق منجزات الوطن ويحفظ حقه في الوجود، أمر بات جلياً لما تقدمه الأيدي السخية من أجل الإنسان ليقطف ثمرات المجد وينهل من عذوبة الظفر بمستقبل يضيء بقناديل الحياة ومصابيح الأحلام الزاهية، أمر يستدعي توافر الظروف وتكثيف الجهود، وحشد الطاقات لتصبح الأحلام واقعاً، والأفكار حقيقة، والتطلعات قريبة من رمش العين.
المهم في القضية التعليمية أن نكسب الرهان، وأن نحقق ما نصبو إليه بجدارة واقتدار، وهذا ما يفرض علينا جميعاً أن نكون في مستوى المسؤولية، بدءاً من الأسرة وانتهاءً بالمدرسة، مروراً بالجهات الساعية إلى تحقيق الحلم.
القضية تعني الجميع وتلامس هموم الجميع، والوعي بأهمية مدارس المستقبل يتطلب تهيئة النفس والقلب والعقل بطاقات إبداعية طاغية تستطيع أن تلاحق الزمن ومعطياته.


marafea@emi.ae