بعد أن نجحت حملات شرطة أبوظبي في القضاء على ظاهرة التسول، ولم نعد نرى هؤلاء المتسولين إلا لماماً، ظهرت صور أخرى من صور التسول والاحتيال، فقد كثر الحديث عن ظهور أشخاص، ومنهم سيدات كبيرات في السن، ويفضلن أن تكون ضحيتهن من السيدات، تتقدم الواحدة منهن من ضحيتها، بعد أن تكون قد تسلحت ببعض المعلومات الدقيقة عنها، مثل الكنية والحالة الأسرية والصحية، وغيرها من الأمور التي تفتح بها الحديث، ويتولد معها الانطباع لدى الضحية بأن من تحدثها تعرف عنها الكثير، وكذلك الظروف التي تمر بها. حديث يبدأ بـ”كفك يا بنتي” أو “كفك يا ولدي”، بحسب جنس الضحية المحتملة، لتبدأ العجوز الغريبة في إيهام من تحدث بأنها تقرأ الكف وتعرف الكثير والكثير عن أدق مشاكل الضحية، التي تنبهر في أغلب الأحوال بالقدرات الوهمية للمدعية بحل مشاكل من أمامها، وتنجح في لحظة ضعف الضحية من الاستيلاء على مبلغ مالي منها أو حلي ترتديها، وهي تقسم بأغلظ الإيمان بأن ما ستدفع من مال أو ذهب، لا يساوي ما ستنعم به الضحية من راحة بال واستقرار نفسي لا يقدران بثمن، وبعد أن تغادر المكان، وقد أخذت ما أخذت، تستيقظ الضحية لتكتشف أو يكتشف أنه تعرض لما يشبه التنويم المغناطيسي، وإلا كيف سمح لإنسان غريب بمناقشته في أدق تفاصيل حياته؟، بحجة إيهامه بوضع حل لتلك المشاكل؟. يتلفت أو تتلفت حولها فيجد أن هؤلاء المحتالين قد اختفوا كلمح البصر، كما ظهروا فجأة واقتحموا لحظات خلوته مع نفسه، ورحلوا بصيد ثمين بعد أن أقنعوه بأن قيمة ذلك السائل، الذي يحسبه المرء ماء تتجاوز قيمته آلاف الدراهم، ولكن لأجل عيني الضحية يرخص كل غال، ويرضى الناصح الأمين ببضع مئات مما في الجيب.
المحتالون الجدد يتصيدون ضحاياهم عند مداخل وقاعات الانتظار في المستشفيات والعيادات الطبية، على وجه الخصوص، حيث يمكن التقاط معلومات عن الضحية المحتملة. كما يتصيدون ضحاياهم عند مواقف السيارات والمتاجر الكبيرة، حيث تشل المفاجأة الإنسان، وهو يسمع من يطلب منه مد كفه ليقرأ طالعه ويكشف له الذين يزرعون في طريقه الشكوك والشوك والألم.
ونحن إذ نحيي جهود شرطة أبوظبي في القضاء على التسول والمتسولين، فإننا نتطلع إلى تشديد الرقابة على الأماكن التي ربما يظهر فيها أمثال هؤلاء المدعين والمحتالين، ويعدونها مثالية لتصيد ضحاياهم المحتملين. كما ندعو الشرطة إلى تسهيل تلقي البلاغات المتعلقة بهذه الحالات، فالعديد من مراكز الشرطة تصر على مراجعة فرع الاختصاص. بينما الغالبية العظمى من المراجعين لا تعرف مركز الاختصاص الجغرافي للمركز الذي تتبعه هذه المنطقة أو تلك، في وقت يستدعي الأداء المتطور لشرطة أبوظبي تلقي البلاغ لأهمية الوقت في سرعة ملاحقة المطلوب قبل أن يبتعد كثيراً عن المنطقة، خاصة أننا في عصر الأداء والربط الإلكتروني، وتوافر وسائل الاتصال العصري.
وأخيراً ندعو الجميع لليقظة والحذر من أولئك الذين يحاولون اقتحام حياتهم على طريقة “كفك .. يا بنتي”.. “كفك يا ولدي”!!.


ali.alamodi@admedia.ae