الْفرق بين السرور والفرح أن السرور لا يكون إلا بما هو نفع أو لذة على الحقيقة، وقد يكون الفرح بما ليس بنفع ولا لذة، كفرح الصبي بالرقص والعدو والسياحة وغير ذلك مما يتعبه ويؤذيه، ولا يسمى ذلك سروراً، ألا ترى أنك تقول: الصبيان يفرحون بالسباحة والرقص، ولا تقول يسرون بذلك. ونقيض السرور الحزن، ومعلوم أن الحزن يكون بالمرازئ فينبغي أن يكون السرور بالفوائد وما يجري مجراها من الملاذ، ونقيض الفرح الغم، وقد يغتم الإنسان بضرر يتوهمه من غير أن يكون له حقيقة، وكذلك يفرح بما لا حقيقة له كفرح الحالم بالمنى وغيره، ولا يجوز أن يحزن ويسر بما لا حقيقة له، وصيغة الفرح والسرور في العربية تنبئُ عما قلناه فيهما، وهو أن الفَرحَ فَعَلٌ مصدر فَعِلَ فعَلاً وفعل المطاوعة والانفعال، فكأنه شيء يحدث في النفس من غير سبب يوجبه، والسرور اسم وضع موضع المصدر في قولك: «سُرَّ سُرُوراً، وأصله سَرّاً، وهو فعل يتعدى ويقتضي فاعلاً فهو مخالف للفرح من كل وجه، ويقال: فَرح إذا جعلته كالنسبة، وفَارحٌ إذا بنيته على الفعل، قال الفراء: الفَرِحُ الذي يفرح في وقته، والفَارحُ الذي يفرح فيما يستقبل مثل طَمِعٍ وطَامِعٍ. أما الْفَرْقُ بين السرور وَالجذَل فهو أن الجذل هو السرور الثابت مأخوذ من قولك: جاذل، أي منتصب ثَابت لا يبرح مكانه، وجِذْلُ كل شيء، أصله، ورجل جَذلانُ، ولا يقال جاذل، إلا ضرورة. والْفَرْقُ بَين السّرورِ والحبورِ أن الحبور هو النعمة الحسنة من قولك: حَبَرْت الثوب إذا حسنته، وفسر قوله تعالى: (... فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُون) «سورة الروم، الآية رقم - 15» أي ينعمون، وإنما يسمى السرور حبوراً لأنه يكون مع النعمة الحسنة، وقيل في المثل: «ما مِنْ دَارٍ مُلئتْ حَبْرَةً إلاَّ سَتُمْلأ عَبْرَةً»، قالوا: الحبرة ههنا السرور، والعبرة الحزن، وقال العجاج: (من الرجز). الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَعْطَى الْحَبَرْ مَوَالِيَ الْحَقِّ إِنَّ الْمَوْلَى شَكَرْ وقال الفراء: الحبور الكرامة، وعندنا أن هذا على جهة الاستعارة، والأصل فيه النعمة الحسنة، ومنه قولهم للعالم: حِبْر، لأنه حُبيرَ بأحسن الأخلاق، والمداد حِبْر، لأنه يُحَسنُ الكتب. البحتري: لِيَكْتَنـِفـْكَ السّــروُرُ والفَرُح، وَلاَ يَفُتُـــــكَ الإبْرِيقُ والقـَدَحُ فَتْحٌ وَفِصْــحٌ قــد وَافَيَاكَ مَعـــــَاً، فالفَتْحُ يُقرَا، والفِصْحُ يُفتَتَحُ واليَوْمَ دَجْنٌ، والدّارُ قُطرُبَّلٌ فيها عَنِ الشّاغِلِينَ مُنْتَزَحُ وإنْ أرَدْتَ اجْـتـــِرَاحَ سَــــيّـئَـــــةٍ، فَهَـهُنــَا السّيّــئــَاتُ تُجْتـَرَحُ أبو القاسم الشابي: حـلـــــــمٌ بـــــآفــــــاق السـرور رسمــــــتـــــه أجنحــــةُ الطيورِ وبشائر فــــوق الربــى بين الخمائل في الصدورِ ونسائمٌ رقصـت على زهر الجنائن والغــديرِ وفراشــة قــد روحت عن زهرة الحقل النضيرِ تعلو وتهبط في الرياض كــــــأنهـــــا نغــــم الحبورِ الفـــجــــر يبــنــي للنـــدى وكـنـا جميلا في الزهــورِ فلنبــنِ مــــن قبلاتـــــنــــا للحـــب عشاً في الثغـــــورِ Esmaiel.Hasan@admedia.ae