تفاجأت أكثر النساء العاملات بتصريحات الهيئة العامة للمعاشات والتأمينات الاجتماعية التي أكدت أن لا نية لتعديل سن تقاعد الموظفة المواطنة. التصريحات التي جاءت تعقيباً على نتائج مسح ميداني عن احتياجات المرأة العاملة شاركت فيه 7,876 امرأة مواطنة، جاءت لتقول أيضا إن رأي النساء “لا يبدو” مهماً في تقرير مصير سنوات تقاعدهن، وصارت أشبه بالعرف السائد الذي يقول “شاوروهن.. وخالفوهن”! اعتبار التقاعد النسائي المبكر عقبة في وجه جهود التوطين، يناقض أساساً مبدأ التوطين الذي تدعو له الدولة، لأن فرص العمل المتوافرة في الإمارات تتسع للجميع، وما قيل عن خسارة أصحاب الخبرة ومن ثم الاضطرار للاستعانة بالعناصر الوافدة ليس حقيقياً، بدليل أن مؤسساتنا تعتمد اليوم على العناصر الوافدة بينما النساء مازلن “يكرفن” في وظائفهن! أما مسألة إحلال الخريجين الجدد محل العناصر الوافدة فهذا أمر من اختصاص الجهات المنوطة بالتوطين، وليس من اختصاص الموظفات الراغبات بالتقاعد المبكر، ولا يقع على عاتقهن أمره، ومع ذلك لا يمكن أبداً الاستغناء عن العناصر الوافدة في مجالات العمل المختلفة، وسيظل الأمر على الدوام خليطاً بينهم وبين المواطنين سواء كانوا خريجين جدداً أو على حافة التقاعد، ما يجعل عذر هيئة المعاشات هذا واهياً وضعيفاً. أما الشروط التي أفردت على أنها “مراعاة” للمرأة الموظفة، فقد اقتصرت على المتزوجة والمطلقة والأرملة أم الأولاد فقط، بمعنى أنها لو كانت عقيماً لم تنجب أو كانت عازبة فلا حق لها في التقاعد المبكر، كما أن موضوع شرائها 10 سنوات للخدمة يقض المضجع ويقصم الظهر، فلو استطاعت المرأة توفير مبلغ الشراء هذا لن تنتظر موافقة أي جهة لتتقاعد بل ستقدم استقالتها وتفتح مشروعاً يدر عليها أرباحاً وهي “مرتاحة”. هناك بعض الوظائف الميدانية تستهلك بدن ممارسيها، وبعد 10 سنوات من ممارسة المهنة بشكل يومي يصبح الجسد منهكاً من الوقوف المتواصل ويبح الصوت وتبدأ الأمراض بالتكالب على الموظف، والموظفات النساء بشكل خاص. بالإضافة لذلك هناك الوظيفة الأهم التي تود المرأة التفرغ لها، وهي تربية صغارها والقيام بمسؤولية بيتها، وهذا الأمر الذي يزيد من الأعباء طوال فترة العمل خارج وداخل البيت، تستحق معه المرأة بعض الراحة ما أن تمر خمس عشرة سنة على خدمتها، خاصة وأن ساعات العمل الرسمية اليوم ليست ست ساعات كما كانت قبل خمس سنوات، بل صارت تمتد إلى تسع ساعات في بعض الأحيان، وصار العمر يمضي والصغار والأمهات في وظائفهن. اليوم تتحد النساء في محاولة إعادة النظر لقانون التقاعد المجحف الذي ينتظر أن تبلغ الواحدة منهن خمسين عاماً من العمر لتتقاعد و”تجابل أمراضها” عوضاً عن التقاعد للتمتع ببعض ما سرقه العمل من مباهج حياتها، أما التقاعد بعد عشرين عاماً من الخدمة فهو ترف مخصص لمن أنجبت أطفالاً فقط وتحرم منه الأخريات، ومن أجل ذلك تحاول النساء إيصال أصواتهن لصناع القرار عارضات رغبتهن بإعادة النظر في “سن تقاعد المواطنة” لعل وعسى!