نشرت الصحف المحلية مؤخراً، خبر القبض على عصابة احترفت سرقة الديزل من منشأة حكومية لبيعه في السوق بسعر يقل عن سعره الرسمي في محطات الوقود.
وقبل ذلك وفي مناسبات مختلفة كُشف النقاب عن عصابات لتهريب الديزل للاتجار به. وبدأنا نسمع أيضاً حركة نشطة في المدن الحدودية لسيارات تتجه للخارج للتزود بالوقود، ليس هذا فحسب بل إن هناك عائلات تذهب للتسوق وشراء مؤونتها الشهرية من هناك، خاصة أن المسافة مغرية للغاية بين هذه المدن.
ظواهر لم نكن نعرفها من قبل، ولكنها تعبّر عن مستجدات السوق، في آلية للتعامل مع هذه القضية لا توجد إلا عندنا، ولا يستوعبها المواطن أو المستهلك العادي، ويسمع كذلك عن تحرير أسعار النفط بحيث تستوعب أي زيادة أو ارتفاع في السوق العالمية، وسط احتمالات ضعيفة بتراجعها، وإن كانت الآمال تحلم باستقرارها.
ولم يكن إعلان إحدى شركات توزيع الوقود في الإمارات الشمالية بوجود عوامل فنية حالت دون تقديم خدماتها للجمهور إلا تعبيراً مستتراً وراقياً لعدم توافر نوعية معينة من وقود السيارات، بطريقة تناولتها وسائل الإعلام، كما لو أن الشركة قد أغلقت أبوابها وعلقت خدماتها، الأمر الذي دفعها إلى إصدار بيان توضيحي حول ملابسات الأمر.
إن بروز ظاهرة نقل الديزل أو الوقود ينم عن وجود سوق لها تستهدف الربح من جراء ارتفاع أسعار المحروقات، وهو ارتفاع أثار مخاوف وقلق الجميع لما يترتب عليه من ارتفاعات في مناح معيشية أخرى، ولعل أدل على ذلك ما يجري في أسواقنا وفي مقدمتها سوق السمك والمواد الغذائية حتي شركات النقل والشحن البري.
وإذا كنا قد قبلنا بما أفرزته مسألة تحرير الأسعار، فكيف نتقي التداعيات ونلجم ما يذهب إليه الموردون والتجار عند رفع أسعار سلعهم؟. وبعد أن كان ارتفاع الإيجارات “المشجب” الجاهز لتبرير أي زيادة أو رفع للأسعار، ها نحن اليوم مع سبب يتجدد، في كل مرة ترتفع فيها أسعار النفط عالمياً. وبعد أن كنا نتابع بورصات الأسهم، توجهت أنظارنا إلى حركة خام “برنت” في بورصة لندن، وتحركات الذهب الأسود في نيويورك وروتردام، حيث أكبر أسواق وموانئ النفط .
ولعل أحد أكثر شرائح المجتمع تأثراً بما يجري هي الفئة الواسعة منه من محدودي الدخل الذين وجدوا أنفسهم وسط لجج الغلاء، خاصة مع تزايد أبواب الخدمات المدفوعة الثمن في مختلف الجهات. والثابت الوحيد الذي لا يطرأ عليه تغيير، هو الراتب الشهري مصدر الدخل الوحيد لهذه الفئات.
إن ارتفاع أسعار الوقود كان ولا يزال مصدر قلق هذه الفئات الاجتماعية بما يحمله من آثار سلبية على ظروفها الحياتية، وهي التي حرصت الدولة دوماً على التخفيف من أعبائها المعيشية باعتبارها الشريحة الأوسع في المجتمع لدورها كحلقة أساسية من حلقات الاستقرار الاجتماعي. ولذلك فإن التدخل مطلوب للتعامل مع هذه الشركات وتقلباتها السعرية، وكان الله في عون الجميع.


ali.alamodi@admedia.ae