أريده عاما لا يشبه كل الأعوام، عاما يفاجئني بألوان لم أرها من قبل، وروائح أنتشي بها كما لم يحدث، وأصوات أطرب بها كما لم أفعل؛ أريده عاما يجد فيه كل الرائعون مكانا مميزا، أولئك الذين يحملون الأمل في الحياة، ويزرعون الشمس في ثنايا الطرقات المظلمة، أولئك الذين يجيدون صنع السعادة، ورسم الابتسامة على شفاة الأيام العادية. أريده عاما بلون الشغف، وملمس الشوق، ورائحة الحب؛ عاما بمذاق لم أعرفه، فيه ليال لم أشهد مثلها، وضحكات لم أسمعها، وشهقات مختلفة تنبت وردا بألوان قوس قزح.

****

في هذا العام سأمد سُلما إلى السماء، وأمسح عنها غبار الحقد وأعيد لها صفاءها البلوري، وسأسد ثقب «الأوزون» لكي لا يبكي الصغار من الحر النافذ منه ومن وجه العفريت الذي يخيفهم. سأعود إلى الأرض لأطلي تلك المساحات الصفراء الكثيرة بلون العشب، ليستلقي العشاق عليه ويختاروا أسماء من سينجبونهم بلون الزهر؛ وسألملم كل دموع النساء، وأضعها في كيس كبير، وألقي به في البحر، ليقفز السمك ضاحكا؛ وسأغرس النعناع والريحان في زوايا القارات لينتعش العالم، ويتوقف عن التثاؤب الذي يُفزع الطيور ويجعلها تهاجر؛ أعلم تماما، أن هناك فوضى كثيرة تنتظر مني أن أرتبها، سأكون حذرة، على أمل أن لا أتسبب في أثناء ترتيبي للأمور –كعادتي- في إحداث فوضى من نوع آخر.

****

غادرت ذاك العام بكل من تسببوا فيه بأرقي وألمي، وسقوط دموعي، واحتفظت بصور أولئك الذين أسعدوني وأضحكوني، وبثوا الحياة في حياتي؛ سأحفظهم في قلبي لكل الأعوام المقبلة، وسأسقي عامي الجديد بحبي وأسمده بضحكاتي، سألقي ببذوري على أرض هذا العام وأنا يقينة أنها ستنبت وتثمر، وسأجني فيه أياما مختلفة ليست ككل الأيام؛ ومنها سأصنع حكايتي الخاصة، وسأودعها كتابا، له غلاف عليه زهور موردة، وعصافير بلون الثلج تحمل أمانينا عاليا حيث القمر وطوقه المضيء.


Als.almenhaly@admedia.ae