منذ افتتاحها في العام 1988 رفدت كليات التقنية العليا سوق العمل المحلي بأكثر من 48 ألف خريج في مختلف التخصصات تبوأوا مناصب قيادية، ومكانة مرموقة في المجتمع، وكانوا الأكثر تفضيلاً بين الخريجين لما يملكونه من مهارات ونوعية للتعليم المتسلحين به، كما عززت أفواج التقنية عمل الفتاة باعتبارها الأكثر عدداً بين خريجي التقنية، فكليات التقنية قدمت للمجتمع دراسة نوعية مميزة، كان ثمرتها خريجين وخريجات أصحاب كفاءة ومهارة وتقنية عالية، يتسابق سوق العمل لجذبهم.
وقبل أيام افتتح العام الدراسي الجديد لكليات التقنية العليا بالمؤتمر السنوي الثالث والعشرين بدبي، وخلال هذا المؤتمر طرح معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التعليم العالي والبحث العلمي مجموعة أوراق مهمة ، بل في غاية الأهمية، والتي يجب أن تكون خطة عمل مستقبلية “للتعليم” ونظراً لخبرته الواسعة وتمرسه في الميدان التربوي والتعليمي لأكثر من ربع قرن، قدم لنا الرجل خلاصة خبرته، في هذا المجال، فكان إعلانه نظاماً جديداً لتحديد ميزانيات الكليات، وفق أعداد الطلبة الدارسين بها، ويركز بدرجةٍ أكبر على رفع الإنتاجية وتطوير البرامج بشكلٍ مستمر.
كما أشار في المؤتمر إلى أهمية تكامل رسالة كليات التقنية العليا مع المؤسسات الأخرى في سبيل خدمة الطالب والمجتمع وتحقيق طموحات الوطن، وهو ما يجب أن يكون لأن المؤسسات التعليمية يجب أن تلبي أولاً حاجة السوق المحلي، والنوعية التي يحتاجها المجتمع وفق ظروفه ومتغيراته، كي تكون مساهمة المؤسسات التعليمية فاعلة ومؤثرة في عملية نهضة الدولة ورقيها، فليس من المنطق أن نركز على علوم وتخصصات معينة، رغم تكدس عدد كبير من خريجي هذا التخصص، ونغفل التخصصات المطلوبة أكثر لسوق العمل، بحجج مختلفة، فالتواصل بين المؤسسات التعليمية وما تقدمه من برامج يجب أن يكون مبنياً على احتياجات سوق العمل الفعلية، وهو ما طالب به معالي الشيخ نهيان بن مبارك كليات التقنية والمؤسسات التعليمية بأن تتعرف إلى احتياجات مجتمعها المحيط بها، وأن تسهم بنشاط، في خدمة تطلعاته وأولوياته الاقتصادية والاجتماعية، وذلك تحقيقاً لأحد مكونات رسالتها، مؤكداً أن تشجيع أنشطة الابتكار يتطلب شراكات قوية وفعالة بين قطاعات العمل والجهات الحكومية ومؤسسات التعليم الأمر الذي يترتب بموجبه على كليات التقنية العليا بناء هذه الشراكات وبثّ الفعالية وتوعية المجتمع بأهمية أنشطة الابتكار والإبداع في بناء اقتصاد حديث وقوي في الدولة.
إننا إذ نثني على النجاحات التي حققتها الكليات لاسيما من حيث ارتباطها الوثيق بمتطلبات التنمية في الدولة، واسهامات خريجيها في إثراء سوق العمل والحياة في المجتمع، نطالبها وخريجيها بالحفاظ على المكتسبات التي حققوها في السنوات الماضية، وأن يكونوا قادرين على مضاعفة جهدهم في منافسة الكثير من المؤسسات التعليمية التي دخلت سوق التعليم، لتستمر الكليات منارة علمية مميزة، ورافداً للوطن بكفاءات مميزة وإضافة حقيقية لسوق العمل.


m.eisa@alittihad.ae