لم تكن نتائج الدراسة التي أشرفت عليها مؤسسة الإمارات للنفع الاجتماعي مفاجئة، بل كانت متوقعة، ومتوافقة مع العقل والمنطق، وتعكس الحال على أرض الواقع، بكل شفافية.
وأظهرت الدراسة التي قاست توجهات المواطنين للعمل في القطاع الخاص، أن الشباب المواطنين أكثر ميلاً للعمل في القطاع الحكومي، تفضيلاً على العمل في القطاع الخاص، وتعتبر الدراسة هي الأولى من نوعها التي تقوم على استطلاع آراء الطلاب المواطنين بخصوص قضايا ومعوقات التوطين، وقامت على استبانة تم توزيعها على 2267 من الطلبة غالبيتهم من الطالبات، ويبلغ معدلهم العمري 22 عاماً.
وأرجعت الدراسة أسباب تفضيل المواطن العمل الحكومي الى ارتفاع الرواتب، والامتيازات التي يقدمها القطاع الحكومي، مقارنة بتلك التي يقدمها القطاع الخاص، ومحدودية المطالب الإنتاجية التي يتطلبها القطاع الحكومي، والأمن الوظيفي، بالإضافة إلى عدم تأكد الطلاب المواطنين الذين شملتهم الدراسة من القدرة على المنافسة في بيئات عمل عالمية، وإن كنت أشك في البند الأخير من محاور الدراسة، حيث إن كل التجارب، والنماذج المشرفة من أبناء الوطن، ممن وضعوا في مناصب قيادية عالمية وإقليمية، متى ما أتيحت لهم الفرصة يثبتون جدارتهم، وأحقيتهم في المناصب أينما كانت، إن محاولات البعض بتسريب أن المواطن لا يستطيع على المنافسة، ولا على العمل لفترات طويلة، وإنه اتكالي، ولا يستطيع مواكبة التطورات وغيرها من المسوغات والمبررات ما هي إلا محاولات للنيل من المواطن، فالتجارب والنماذج تدحض كل تلك التهم، وتؤكد أن المواطن موظف مثالي، ومعطاء ومخلص لعمله ووظيفته، وذو ولاء كبير لمكان عمله.
كما أن الدراسة وضعت يدها على الجرح، وعزفت على الوتر الحساس، وتحدثت بصراحة ووضوح مؤكدة فشل برامج التوطين كافة في القطاع الخاص، وأن كل المحاولات والمساعي والاجتهادات لم يكتب لها النجاح لتعزيز حضور وتواجد المواطن بالقطاع الخاص، والذي الى اليوم لم تتجاوز نسبة المواطنين فيه 5% فقط، وهي نسبة ضئيلة جداً، تعكس في الحقيقة مرارة الوضع، واستحالة التقدم أكثر من ذلك، ناهيك من أن نسبة كبيرة من الـ5% مندوبو خدمات، كل علاقتهم بالقطاع الخاص إنجاز معاملاته فحسب، وليس هناك مواطنون بمراكز حيوية بالقطاع الخاص، فالمواطن وإن رضي بالعمل في القطاع الخاص فإنه لا يشغل منصبا قياديا وحيويا فيه وذلك لأسباب عديدة، فغالباً يكون مهمشاً، ومركوناً ويشعر انه عالة على المكان، وأن مسألة تواجده بالمنصب أمر مفروض على جهة العمل، فبالتالي لا يجد المناخ المناسب للعمل، والعطاء، ناهيك عن عوائد هذه الوظيفة التي لا تلبي احتياجاته، ولا تنصفه مقارنة بزميله الموظف بالقطاع الحكومي. وبالتالي يجب تقليص الفجوة في الرواتب والمزايا بين القطاعين الحكومي والخاص إذا ما أردنا بالفعل علاج عزوف المواطن عن القطاع الخاص.


m.eisa@alittihad.ae