بعض شبان وفتيات هذا الجيل يثيرون حنق من يستمع إلى حديثهم الملتوي، فلا هم يتحدثون العربية السليمة، ولا يتكلمون الإنجليزية بطلاقة، لهم في مخارج الحروف أوضاع غريبة، ولكل واحد منهم لازمة خاصة به يرددها كل ثلاث ثوانٍ! أشهر لازمات البنات اللغوية كلمة «برستيج» فبين جملة وأخرى «تنط» هذه الكلمة إلى مسمعك، تصرفها صاحبتها كالأفعال الخمسة، وتجمعها بجمع التكسير والمؤنث السالم، وتحسن صياغتها في جمل لم تخطر على بالك أبداً، فيظل سؤال الشاغل: أهي عربية أو انجليزية؟. تسمع كلمة «برستيج» من ثغر صبية مليحة بصيغ مختلفة، تقول تارة: «برستيجي ما يسمح لي» وكأن «البرستيج» ولي أمرها، وفي عبارة أخرى: «أووه بيخترب برستيجنا» ، وكأن «البرستيج» امتداد شيلتها وعباءتها، وتأتيك الصاعقة حين تقول: «واو ، شكله برستيج» فتسأل نفسك: ما شكل البرستيج أساساً؟! تضيق ذرعاً بالحديث، فتلتفت إلى يمينك وترى كلمة «برستيج» تنظر إليك شزراً من لوحة عيادة، ومعرض سيارات، وخياط، ومكتبة، وصالون حلاقة، ثم صالون نسائي، عالم من «البرستيج» يلاحقك حتى أحلامك! تهرب من «البرستيج» إلى حديث آخر، ربما يكون المتحدث شاباً هذه المرة، تقفز من فيه كلمة «سيستم»، بعد دقيقة أو أقول تعود الكلمة إلى الظهور، وبعد خمس دقائق تتأكد بأن هذه الكلمة التصقت بلسان محدثك، فصارت مرة بياء المتحدث، ومرة بنون النسوة، وأخرى بجمع «منتهى الجموع» . تسمع العبارة الأولى: «كنا بنسير المول بس «السيستم ما ناسبنا»، وتلحقها أختها: «يا شباب سيستمكم تعبان نبا ربشة» وأخرى لوصف ما «هالسيارات سيستمهن موب شي» وضمن حديث هاتفي: خبرونا شو السيستم الحينه ؟! هذه الأحاديث لا تقتصر على هاتين الكلمتين، فهناك من يعلق بكلمه «أوكي» وآخرون بكلمة «انزين» وكثيرون بكلمة «مشي حالك» وكلمات بلا عدد عربية وأجنبية، من دون أن يدركوا هم أنفسهم مدى إزعاج تكريرهم لكلمة واحدة على مسامع الآخرين، يقال إن الانسان ينحصر في «لازمة لغوية» لأنه يجدها الأقرب للسانه، ويحاول أن يترك لنفسه فرصة التفكير بالجملة الأخرى، عبر استعماله لهذه اللازمة. لكن الانسان أيضاً يستطيع التخلص من الكلمة التي تلتصق بلسانه إذا أراد، وهو أيضاً من يختار أي كلمة لتكون لازمته، يكفي أن ينبه المحيطون بالشخص مكرر الكلمة إلى انزعاجهم منها فيبدأ بالتخفيف من استعمالها، والامتناع عن قولها حتى تختفي، لكن المشكلة أن البعض يعتقدون بأن «اللازمة» الأجنبية دليل على «البرستيج» الذي يطمحون إليه، فيرددونها ليظهروا تألقهم عن البقية، وهذا ما يجعل هذه الكلمة، مثلها مثل «سيستم»، عالقة على ألسن غالبية شباب وشابات هذا الجيل، لكن التنبيه لوجودها على الألسن «قد» يجعلها تضحل حتى تعود إلى طبيعتها واستعمالاتها الحقيقة في الجمل الإنجليزية. فتحية البلوشي