القصص التي نسمعها كل يوم عن ممارسات الخدم مع الأطفال في المنازل رهيبة وعجيبة وغريبة ويشيب لها الولدان وتقشعر منها الأبدان، ومع ذلك تمر مرور الكرام فلا أحد يرغب في اتخاذ إجراء حاسم برغم وجود تشريعات وقوانين جاهزة للتطبيق، لكن بعد فوات الأوان، وبعد أن يطيح الفأس في الرأس، هذا إذا تم اكتشاف الحادثة والخادمة أو المربية التي ضربت أو استغلت طفلاً أو طفلة، وما خفي أعظم والله يستر على أبنائنا.. غير أن القصة تحتاج إلى أكثر من ذلك فالخدم صاروا اليوم جزءاً من التكوين المجتمعي، بل ومن ضروريات الحياة العصرية، وإحدى تعقيداتها التي نتقبلها أو نتأقلم معها ببساطة لأننا لم نعد قادرين على العيش بدونها، إن ذلك نتيجة طبيعية لمجتمع حي يتطور بتسارع خصوصاً أن كثيراً من الأمهات اليوم من العاملات والموظفات وليس أمامهن إلا المربية لترعى الأبناء الصغار في غياب كلا الأبوين.. الخدم وما أدراك ما الخدم شر لابد منه همّ بالليل وذل بالنهار، غير أن الناس ومع إدراكهم لكل ذلك يتقبلون أن يعيش العدو بين ظهرانيهم وفي منازلهم وأن يأتمنوهم على أغلى ما لديهم وعلى فلذات أكبادهم وقرة أعينهم، إنه زمن العجائب الذي نقبل أن نتعايش معه.. وربما يكون مجلس الوزراء كعادته لديه الرؤية الثاقبة المستقبلية ولذلك أصدر قراراً بإقامة دور حضانة تكون ملحقة بالوزارات والهيئات والمؤسسات العامة والدوائر الحكومية تتولى توفير الرعاية لأبناء الموظفات العاملات في تلك الجهات إذا بلغ عدد النساء العاملات المتزوجات لديها 50 موظفة، أو بلغ عدد أطفال العاملات من الفئة العمرية من دون أربع سنوات 20 طفلاً. غير أنه لم يلتزم بهذا القرار أحد إلا قلة قليلة حسبما أعلنت مراراً وتكراراً وزارة الشؤون الاجتماعية التي تجتهد من أجل تطبيق هذا القرار غير أنها كمن يؤذن في مالطة فهناك 139 جهة حكومية ما بين اتحادية ومحلية تجاهلت مخاطباتها وتقاعست عن إنشاء حضانات أطفال لخدمة الموظفات في تلك الجهات والالتزام بقرار مجلس الوزراء لدرجة أنه ليس لديها خطط مستقبلية أو دراسة لتنفيذ مثل هذا القرار. ترى ألم يحن الوقت بعد لتنفيذ مثل هذا القرار، ولم التأجيل خصوصاً أن نمط الحياة في الدولة عصري يتبع أفضل الممارسات العالمية وهذه إحدى الممارسات العالمية في رعاية الطفل والأمومة والأسرة، فضلاً عن أن المتضرر من الأمر هم فلذات الأكباد بل إنهم أجيال المستقبل الذين يجب أن نحرص على تنشئتهم تنشئة سوية مما يعني أن المسألة خطيرة وتمس الأمن المجتمعي في واقع الأمر أفلا تبصرون.. amal.almehairi@admedia.ae