فزع اليوم الذي يرهب العالم، ويخاف منه المسافر، هو وجود المتفجرات أو القنابل أو التلويح بأي عمل إرهابي، والمطارات ومحطات القطارات مناطق حساسة لا تقبل أقل من هذا المزاح، فما بالكم إن وصلت الأمور إلى التي جدها جد، وهزلها جد، الأمر الذي قد يربك الجميع وربما يشل الحركة في المطار ويعطل الإقلاع والهبوط، إن مزحة كهذه والتي لا يعرف مطلقوها مدى الضرر والأعطال والخسائر التي يمكن أن تنجم عن ذلك، أقلها تعطيل مصالح الناس وإزعاج السلطات الأمنية والخدماتية في المدينة، وبث الرعب والهلع في النفوس، ذكرني حادث إخلاء برج إيفل ومحطة سانت ميشيل في باريس بموضوع حدث مرة في مطار هيثرو، لقد كان على متن الطائرة البريطانية شخص ظريف يتمتع بحس مزاحي ثقيل، وبسذاجة لا يدرك معها عواقب الأمور، يحسب أن الأمور هي كيفما تجري في قريته، وهذا ما حاول فعله على متن الطائرة، التي يبدو أن ابتسامة المضيفة الشقراء قد أغرته، وخففت من دمه وعقله، والتي تدربت عليها كثيراً، وهو الإنسان الجبلي الذي يعتقد أن كل الأشياء إما موجهة له، أو متجهة إليه، فأراد أن يبادل ابتسامتها بخفة دمه أو بطاقة شبابه التي أعطاها الكحول نوعاً من الشجاعة غير الضرورية، فأراد أن يجربها مع المضيفة التي هي بدرجة موظفة مخلصة لعملها، فقال لها ممازحاً بجمل ثقيلة ومتعثرة، ذكر من خلالها قنبلة أو شبهها بالإنجليزية بالرمانة وأخطأ القول، وطلب منها أن تناوله حقيبته، فأخذت المضيفة كلامه على محمل الجد، وتمالكت أعصابها وحاولت أن تسايره وتعطل مشروعه الإرهابي بأي وسيلة، لتضمن سلامة الركاب والطائرة، فقامت بشل حركة المسافر المتظارف الهيمان بطريقة الغاز المؤثر على الأعصاب، حتى تدخلت القوى الأمنية وحمل صاحبنا الظريف أبو دم خفيف إلى مواقع الاستجواب ولما فتح عينيه من الإغماءة، وجد نفسه محاصراً برجال الأمن المدججين بالأسلحة، والمحققين المتحفزين بالأسئلة، وحده وجه المضيفة الشقراء كان غائباً، فأسقط في يده حيث لم يتذكر الموضوع الذي أوقف من أجله، ولا لِمَ كل هذا الضجيج الذي من حوله؟ ظل صاحبنا من مركز إلى مركز تؤخذ بصماته ويصور في مختلف الأوضاع، ويسأل عن المنظمات التي ينتمي لها وعلاقاته مع بن لادن، وصلاته مع تنظيم القاعدة، وعن الأسباب الحقيقية التي جاء من أجلها إلى لندن، لقد حكم عليه بغرامة عالية، وسجن وإبعاد من البلاد، وقضايا مطالبات وحقوق آخرين سبب لهم أضراراً نفسية وجسدية، والسبب المزاح الثقيل الذي في غير وقته، وخفة الدم أو السذاجة التي في غير محلها!



amood8@yahoo.com