بعث عدد من القراء برسائل حول نقل هيئة الصحة في أبوظبي لعدد من المرضى الموفدين من قبلها إلى إحدى مستشفيات العاصمة التايلاندية بانكوك لمستشفى آخر بسبب خلاف على الاستحقاقات المالية التي ترى الهيئة أنه مبالغ فيها فيما يتعلق بأجور وتكاليف العلاج والاستشفاء فيها. إلى جانب الجدلية التي تقوم بخصوص أعداد المواطنين والمقيمين الذين يتوجهون إلى الخارج طلباً للعلاج الا أن التعليقات كانت تركز على الجزئية الخاصة بالمبالغة في قيمة الخدمات الطبية، ليس فقط في بانكوك، وانما في مراكز ومستشفيات القطاع الطبي الخاص هنا داخل الدولة. فالبعض منها يعتبر “الضمان” الصحي فرصة لزيادة عائداته المالية على حساب ”الضمان”.
لقد كانت بعض تلك المراكز الصحية على وشك الإفلاس، بل إن عددا منها بيعت محتوياته في المزاد العلني عن طريق المحكمة للوفاء بحقوق الدائنين، قبل أن تهبط عليها من السماء تجربة “الضمان الصحي”. وبدلا من أن يقابل هذا البعض مبادرة الدولة بإشراكه في تقديم الخدمات الصحية للمواطنين والمقيمين بمسؤولية وتفاعل إيجابي راقٍ، نراه يبالغ في أسعار خدماته بطريقة لا تنم عن أي تقدير لهذه المسؤولية، وهو يعتبر ما يقوم به تجارة مثل أي نوع من الاتجار في هذا المجال أو ذاك.
قارئ ذكر أنه توجه الى مركز طبي خاص لخلع أحد أسنانه فوجد أن الطبيب المعالج قد سجل تكلفة العملية 1200 درهم، وعليه دفع نسبة التحمل. بينما ذكر آخر أنه دفع 800 درهم نقداً لذات العملية التي لم تكن تتكلف أكثر من خمسين درهماً عند طبيب آخر يقدر الأمانة الموضوعة بين يديه. اما عن المبالغة في اثمان الفحوص والتحاليل المطلوبة وغير المطلوبة فالحديث يطول .
وتحدث قارى آخر عن فحوصات كثيرة تصل في تكاليفها لأكثر من ألفي درهم طلبها منه مستشفى خاص أشتهر باخطائه الطبية، فلما ارتاب من الأمر توجه الى عيادة أخرى، لم يطلب الطبيب المعالج فيها أيا من الفحوصات التي كان قد طلبها المستشفى الأول، ووصف له العلاج المطلوب وتخلص مما كان يعاني.
وقضية هذه الفحوصات الإضافية والمبالغ فيها قضية بحاجة الي وقفة بحد ذاتها، تذكرنا بالتفاف الصيدليات الخاصة علي قضية الأسعار المحددة للأدوية من قبل الجهات المعنية والوكلاء بالمبالغة في أسعار مستحضرات يطلق عليها بلغة الصيدليات” أدوية الكاونتر”، أي تلك التي لا تندرج ضمن القائمة التي تشملها التسعيرة المحددة أو الموحدة.
ومن هذا الواقع جاءت الدعوات لمضاعفة الجهد من الهيئة أو “ضمان” لمراقبة ما يجري في الميدان من مبالغات في أسعار الخدمات الطبية والعلاجية في بعض مستشفيات وعيادات القطاع الخاص، ممن لا يشغلهم أي شاغل سوى استقبال المزيد من المراجعين وإرسالهم للمختبرات لإجراء تحاليل وفحوصات سواء أكانت ضرورية أم لا ؟، وكذلك المبالغة في ما تطلب من أسعار لخدماتها بصورة تخالف الغاية السامية التي رسمتها الدولة، وحرصها على أن تشمل مظلة التأمين الصحي كل مواطن ومقيم. لذلك فإن الجهات المعنية مدعوة لوضع قوائم استرشادية تساعد المستفيدين من “الضمان” على معرفة المراكز والمستشفيات الصحية الحقيقية من الأخرى التي هي ليست أكثر من واجهة تجارية محضة لشفط ما في الجيوب!!.


ali.alamodi@admedia.ae