بين عشية وضحاها صار امتحانا «الأيلتس» و«التوفل» في اللغة الإنجليزية «بعبع» البيوت الإماراتية الهادئة، فهذان الامتحانان ـ أحدهما أو كلاهما- أصبحا إثبات النجاح الوحيد لطلبة الكليات والباحثين عن العمل. امتحان الجدارة في اللغة الإنجليزية المتمثل بهما يعني إمكانية القبول في الجامعات العالمية، وإتقان اللغة الانجليزية كمتحدث أصلي بها، وجود هذا الامتحان في كلياتنا وجامعاتنا دليل تطور ومتانة التعليم في عيون المطالبين به، لكنه للأسف صار سبب تعاسة وشقاء للطلاب والموظفين المطلوب منهم أداؤه. معظم البيوت الإماراتية تعاني من مشكلة الأيلتس والتوفل، مثلا في العام الماضي قررت جامعة إلغاء السنة التحضيرية «التعليم الأساسي» وطلبت من الطلاب والطالبات الذين لم ينهوا مساقاتهم فيها الحصول على درجة في امتحاني الأيلتس والتوفل ليكملوا الدراسة، هذا القرار دفع الكثير من الطلاب إلى إيقاف الدراسة الجامعية لفصل كامل والدخول في دورات لغة إنجليزية والتقدم لامتحانات مرة تلو أخرى حتى يحصلوا على درجة الأيلتس ويكملوا الدراسة. إجراء الجامعة هذا جاء بعد دراسة- بالتأكيد- لكنه تسبب بعرقلة الطلاب من مختلف التخصصات، حتى تلك التي تدرس باللغة العربية كالقانون والآداب مثلاً، مع أنه كان بإمكان الجامعة استثناء الطلاب الدارسين بالعربية من هذا الشرط. كلية التقنية العليا مثال آخر، الأيلتس الذي يحصل عليه الطلبة أثناء دراستهم لا يبدو كافياً للمسؤولين إذا ما مر عامان على اجتيازه، فيعلق تخرج الطالب بدخوله لدورة أيلتس مرة أخرى والحصول على درجة معينة لتسلم شهادة تخرجه من درجة البكالوريس برغم أنه سبق وحصل على الأيلتس حين حصل على الدبلوم. في المدارس الحكومية أيضاً يعيش المدرسون نفس القصة، مدرسات رياض الأطفال اللواتي لن يتعاملن باللغة الانجليزية ولا العربية مع الطفل الصغير، بل سيكون التعامل عامياً بالدرجة الأولى طُلب منهن اجتياز امتحان الأيلتس كمتطلب وظيفي برغم عدم حاجتهن الفعلية له. نفس السيناريو يتكرر في الإدارات الحكومية، «بعبع» الأيلتس والتوفل يلاحق الموظفين، يطلب من أشخاص اقتربوا من الإحالة للتقاعد الحصول على هذا الامتحان، أناس لا يعرفون من الإنجليزية سوى «yes»و «No»، ولا يدركون هل تسبق الصفة الموصوف أم يسبق الموصوف الصفة بالانجليزية، يصبح امتحان الايلتس فرضاً إجبارياً عليهم، يأتي به خبير أجنبي لغته الأم الإنجليزية ولا يطلب منه هذا الامتحان في الدراسة ولم يكن متطلباً لنجاحه. الأيلتس والتوفل اختباران مهمان لكنهما ليسا ضروريين للجميع، ولا يمثلان متطلباً مهماً لنجاحهم الحقيقي، على الجهات المعنية إعادة النظر في طلبه من الناس، والأفضل أن يستبدل بامتحان اللغة العربية التي تعاني لليوم من أناس يجهلون الفرق بين الضاد والظاء.