ستنتهي معركة حرق القرآن مع القس الخرفان جونز الذي لم يجد طريقة أفضل للشهرة والبروز والظهور على شاشات التلفزة كل يوم إلا بهذه الطريقة الشاذة التي لا تدل على رجاحة عقل ولا على إيمان ولا على اختلاف في الرأي – مع أن الدين ليس وجهة نظر أو رأي – مع ذلك فهذا القس المخيف في شكله وفي طريقة تفكيره لا يختلف عن أولئك الذين فجروا برجي التجارة في الحادي عشر من شهر سبتمبر، فكلا الفريقين ظلامي في تفكيره وفي طريقة اختلافه مع الآخر، فلم يكن القتل والحرق والتدمير يوما أحد الطرق المفضلة انسانيا لابداء الرأي والانتصار على الآخر !!
ستنتهي المعركة لصالح القرآن، لأن القرآن دين الله الذي تكفل بحفظه وأودعه صدور ملايين الخلق من عباده المؤمنين به، ولن ينال من القرآن حقد حاقد أو خزعبلات قس قاصر التفكير والارادة، وليته قرأ هذا القرآن أو عرف ما فيه لقلنا عداوة عالم أو مستنير على الأقل، الا أنه لم يقرأه يوما ولم يمتلك نسخة منه أبدا ولا يعرف ما يحويه بين دفتيه وفي ثنايا آياته العظيمة، الا أنه في بلاد تحب الفبركات والتقاليع الجديدة فاعتقد بأنها طريقة مبتكرة للاحتفال بذكرى مشؤومة في تاريخ الشعب الاميركي وذلك بأن يحرق نسخا من القرآن بهذه المناسبة !!
لم يتدخل أحد في أميركا لمنعه بالقوة مع أن عمله هذا لو تم لكلف الولايات المتحدة عداوات ومعارك وجبهات مع العالمين العربي والإسلامي ليس في صالحها أن تفتحها على نفسها، مع ذلك ماكان ليمنعه أحد لأن حرية التعبير تقضي بعدم التدخل، وهنا ترتد الحرية الى صدر صاحبها حين تتجاوز الخطوط الحمراء لتتحول إلى حماقة لا مبرر لها في بلد يؤمن بالحرية كديانة رابعة، ويقوم على التعددية كمدماك لا مجال لهدمه لأن بيت الديمقراطية الاكبر سينهدم على رؤوس من فيه بدونها.
مع ذلك فإن ردة الفعل التي حدثت والتدخلات التي جاءت من كل مكان والضغوط التي مورست في الخفاء وفي العلن ان دلت على شيئ فانما تدل على تأثير المصالح وخطورة العالم الاسلامي بالنسبة للغرب، خطورته نعني بها اتساع المصالح معه وتأثير هذه المعركة المفبركة على هذه المصالح، كما تدل على أن العالم الى دمار ان لم يوجد فيه عقلاء يعرفون كيف يزنون الامور بميزان العقل والمنطق لا ميزان الهلوسات وجنون التعصب الاعمى !!
ردة الفعل التي جاءت من قبل الجاليات المسيحية في أكثر من بلد تؤشر بشكل جلي الى أنه لا خلاف ولا كراهية ولا أحقاد في قلوب العقلاء من كل الاديان والطوائف، وأنه لا يؤجج الخلافات ولا يضع على النيران بنزينا سوى اولئك الذين صادروا الدين لحسابهم الشخصي، والذين يعتقدون ببلاهة وحمق انهم ظل الله على الارض، فيتلون باسم الدين، ويفجرون باسم الدين، ويحاربون باسم الدين، ويشتمون الذين جيشوا شعوبهم وممالكهم لمحاربة الاخرين باسم الرب والدين، يشتمونهم مع أنهم لا يختلفون عنهم في شيئ !
الدين لا علاقة له بكل هؤلاء الحمقى والمتعصبين، ولن يضر الله كفر العالم كله ولن يفيده ايمانهم جميعا، فالله غني عن الخلق اجمعين، من أسمائه السلام وليس من بين اسمائه الحرب والقتل، سيبقى الله نور السماوات والارض وسيذهب هؤلاء كلهم الى ظلمات التاريخ وسيبقى القرآن نبراسا وهدى لأنه كلام الله جل وعلا.


ayya-222@hotmail.com