لا أعرف لماذا تضطر إدارات المرور والشرطة عندنا لإطلاق حملات توعية مرورية وتفتيشية للتأكيد على أهمية إفساح المجال لسيارات الإسعاف والدفاع المدني والشرطة للقيام بواجب الإنقاذ والإسعاف. فهذه أمور من البديهيات التي يجب على كل سائق أن يعرفها ويلتزم بها كل الالتزام لأنها واجب إنساني ووطني. وفتح الطريق لسيارات الإسعاف وتسهيل مرورها يجسد الوعي بالمسؤولية الإنسانية والوطنية لإنقاذ الأرواح والممتلكات.
ولماذا تضطر مديرية المرور إلى دعوة السائقين إلى الانتباه وعدم الانشغال بالهواتف المتحركة أثناء قيادتهم لمركباتهم لتجنب الحوادث المرورية التي تقع بسبب عدم التركيز وللحفاظ على أرواحهم وأرواح مستخدمي الطرق والمارة والممتلكات العامة؟, ولماذا تضطر إدارات المرور التأكيد على أهمية إعطاء المشاة أولوية العبور وتخفيض السرعة عند المناطق المزدحمة والمخصصة لعبور المشاة؟, ولماذا تحتاج الجهات المعنية عندنا لحملات للتنبيه بأهمية الحفاظ على الهدوء ومراعاة ظروف المرضى أثناء تواجد المركبات بالمستشفيات وعدم استخدام المنبهات الصوتية؟, ولماذا نحتاج لتحذير الناس بين الفينة والأخرى بخطورة السرعة، وننشر لهم صور الحوادث المميتة لترهيبهم وتخويفهم، وتذكيرهم بأن نتائج السرعة وخيمة؟, أليست هذه المواضيع من البديهيات والمسلمات المرورية، ويفترض أن يعرفها كل عاقل وكل شخص بالغ راشد حصل على رخصة القيادة!, فمن منا لايعرف خطورة السرعة، ولايدرك أن عدم التركيز والانتباه أثناء القيادة وقراءة الرسائل النصية والرد عليها واستخدام الهاتف المتحرك أثناء القيادة تؤدي إلى تشتت انتباه قائدي المركبات وعدم تركيزهم على الطريق، ما يضاعف من مخاطر وقوع الحوادث المرورية وما ينتج عنها من وفيات وإصابات، فما الذي يجعل جملة هذه الأنواع من المخالفات تصل الى قرابة المليون مخالفة في ثمانية أشهر بأبوظبي؟ أوليس من البديهي أن يكون كل السائقين ملمين بالقوانين والأنظمة المرورية التي تلزم جميع مستخدمي الطريق السماح لسيارات الدفاع المدني والإسعاف بالمرور وعدم عرقلة عملهم، وأن طريقة الإفساح لسيارات الإسعاف والدفاع المدني تكون بتحريك المركبة للجانب الأيمن أو الأيسر من الطريق، وأن الإفساح لا يعني تجاوز الإشارة الحمراء!.
إن إفساح المجال لسيارات الطوارئ، والإلمام بالأنظمة المرورية واللوائح، ومعرفة مخاطرها هي ثقافة مجتمعية يجب أن نؤمن بها ونقدر أهمية العمل الخدمي الذي تقوم به سيارات الإسعاف والطوارئ، وضرورة التعاون معهم لإنجاح مساعيهم في خدمة المجتمع وأن يكون الفرد فاعلاً في خدمة مجتمعه وليس معوقاً له.
إن غياب الوعي والثقافة العامة والشعور بالمسؤولية، هي آفة قد تكلف الدولة خسائر مادية وبشرية جسيمة، وهي سلوك غير حضاري لا ينم عن تقدم الشعوب والمجتمعات، ويعطي انطباعاً سلبياً للزائرين والأجانب الذين يعيشون بيننا، لأنهم يرونها من الأمور المقدسة عندهم، فلنتعاون لخدمة رجال الأمن في مهامهم الإنسانية والعمل على وصولهم للضحايا والأماكن التي تحتاجهم بأقصى سرعة. فإنقاذ الأرواح هو محور عملهم الذي يحاولون إنجازه في زمن الاستجابة، والذي يعرف بالوقت الذهبي، وهو من 8 إلى 10 دقائق داخل المدينة، ومن 15 إلى 20 دقيقة خارج المدينة لأن الوقت هو العدو الأول للحالات الطارئة.
نقترح أن يكون عقاب “ إعاقة سيارة الإسعاف أو الدفاع المدني” سحب رخصة القيادة وإحالة صاحبها إلى إدارة المرور أو إلى مدرسة لتعليم قيادة السيارات لكي يتعلم من جديد احترام قواعد السير والمرور، والشعور بالمسؤولية الإنسانية والوطنية.


m.eisa@alittihad.ae