لم يكن ذلك العامل البسيط يتوقع في يوم من الأيام أن يجد نفسه على منصة التتويج والتكريم يصافح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي. ولكن ذلك هو ديدن القادة الكبار في تقدير من يعمل خاصة الجنود المجهولين الذين يحرصون على البذل والعطاء بصمت ونكران للذات، لأنهم يعتقدون أن ما قاموا به واجب اولاً واخيراً، بل وأبسط ما يمكن أن يقدموه في مسيرة حب وبناء وعطاء تترسخ وتتعزز يوماً بعد يوم في إمارات الخير والمحبة. وما برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز الا من صور حرص القيادة الرشيدة على إذكاء روح التنافس وإطلاق الطاقات الكامنة واكتشاف الجنود المجهولين الذين تزخز بهم ساحات العمل في كل موقع من مواقع وميادين العطاء. في مثل هذه المناسبات تتعرف على أناس بسطاء، يمكن أن تلتقي بهم صدفة في أي مكان، من دون أن يستوقفوك أو يلفتوا الأنظار إليهم. ولكن سرعان ما تكتشف كم هم كبار أسخياء بروح العطاء والإيثار التي تتأجج في دواخلهم. من منا كان سيسمع بالموظف البسيط في مطار دبي الدولي جمال زعل بن كريشان الذي ابتكر طريقة غير مكلفة لصيانة مدرجين من مدرجات المطار دون الحاجة إلى بناء مدرجين آخرين، ومن دون تعطيل حركة الطيران، ووفر على الدولة مبالغ طائلة ليحظى بتكريم صاحب السمو نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، ويكرمه في فئة الموظف الحكومي المتميز ضمن المكرمين في جوائز برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز خلال الحفل الذي أقيم الليلة قبل الماضية في مركز دبي التجاري العالمي.
وقد كان بن كريشان مجرد نموذج لأناس تزخر بهم ساحات العمل والعطاء، يعشقون الصمت ونكران الذات في وقت يتسابق فيه البعض باتجاه الكاميرات والميكرفونات لأجل أن يضفوا على أنفسهم بريقاً لا يستحقونه، ووهجاً مصطنعاً سرعان ما يخبو عند المواقف الحقيقية.
وأمثال هؤلاء الرجال من الذين يعملون بصمت وإيثار، لا يتطلعون سوى لتعزيز ثقتهم بأنفسهم وبقدراتهم، ليمضوا في الطريق الذي اختاروه لأداء أمانة يحملونها عن طيب خاطر. ولا ينظرون للوظيفة التي يشغلونها على أنها مجرد مصدر للمعيشة والرزق يتقاضون عنها أجراً في نهاية كل شهر. وإنما موقع ينبغي التفاعل معه بأقصى ما ينبغي أن يكون عليه التفاعل والإخلاص في الأداء خدمة للمجتمع وأفراده وللوطن بأسره. وذلك هو الفارق بين المتميز في ادائه ومجرد الموظف.
وكعادته دائماً في مناسبات كهذه حرص راعي الحفل على بث روح الأمل وتشجيع هؤلاء الجنود المجهولين، وسموه يقول لهم “أراكم أمامي كلكم قياديين ومتميزين في القيادة ورياديين، ونصيحتي لكم بأن لا يساوركم الشك في نفوسكم لأن الشك مُهبط القياديين ومقتلهم”. وقال لهم سموه “في صباح كل يوم جديد ثوروا وكأنكم قياديون ورياديون ومتميزون”.
نهنئ المكرمين، بتكريم يؤكد مقدار اهتمام ورعاية الدولة بكل عنصر يؤدي عمله بإخلاص وتفانٍ ونكران للذات، ولا تنسوا أن “لكل مجتهد نصيباً”.


ali.alamodi@admedia.ae