في السنوات الأخيرة انتشرت العِزَب في عوافي، وتناثر الناس جماعات وأفراداً، وطرائق قددا في الصحراء بشكل فوضوي وعشوائي، ما يُثير الريبة والخوف على سلامة الساكنين في تلك البقاع العارية المتوارية خلف الكثبان، وأصبح المكان مستباحاً لكل من يريد أن ينصب له عرشاً للخلوة والمتعة، وشم النسيم، ولأن الناس ضاقوا ذرعاً من ضجيج الشوارع وزحام المولات، واكتظاظ الأجساد فإنهم لاذوا بالفرار طلباً للراحة في خلاء رأس الخيمة، وباحات رمالها الذهبية، إلا أن هذا اللجوء إلى الأماكن النائية كان يحتاج إلى النظام، ويحتاج إلى الترتيب والتهذيب .. لأنه في ظل الغوغائية وتحت جنح الظلام نتجت الحوادث وذهب الضحايا، أطفال وشباب فقدوا حياتهم جراء غيبة القانون، وتبعثر النظام وتعثر القيم التي تنسق وتطبق المبادئ الأساسية لاجتماع الناس في مكان ما.
اليوم وبعد صحوة الجهات المعنية، ومحاولاتها لفرض القانون وذلك بترتيب العلاقة ما بين أصحاب العزب والجهات المختصة، نجد من الضرورة ألا تكون ردة الفعل قاسية من قبل هذه الجهات، أي بفرض الرسوم المادية التي تكسر الظهر وتحرم الناس من الاستمتاع بربوع بلادهم، كما أنه لا يجوز لأصحاب العزب أن يكون ردهم، التذمر من فرض القانون طالما هذا القانون يصب في مصلحة السلامة العامة، وتنظيم العلاقة بينهم والحكومة..
ولمصلحة البلد أن يقبل الجميع بالأمر الواقع دون تسويف أو مبالغة من قبل الطرفين، فلا من حق الجهات المختصة أن تضع الفأس في الرأس، وتضع الناس أمام أمرين إما قبول الرسوم التعجيزية أو خلع أوتاد ما شيَّدوا والرحيل إلى ديارهم، ولا من حق أصحاب العزب أن يستمرئوا الفوضى الحالية لتظل الحال كما هي فنحن في بلد ينظمها القانون، ولابد من احترام القانون لأجل راية بلادنا ولأجل سمعة هذا الوطن الذي قطع شوطاً طويلاً في التطور، ولا يجوز أن تبق تلك المنطقة كمضارب بني عبس، تختلط فيها الرعيان والإنسان والعشوائية تحاذي الجميع في مرابضهم وفي مضاجعهم..
بلادنا جميلة، فلا يجوز أن ندعها تغط تحت وطأة اللامبالاة، والحق يؤخذ بوضع اليد، بل لا بد من النظام حتى يعم السلام والأمن والطمأنينة، وحتى يعيش الناس حياتهم دون منغصات أو مكدرات، وكل ما أتمنّاه أن تأخذ الجهات المختصة في الاعتبار ظروف الناس وألا يكون أيضاً الرد على الفوضى الحالية بفوضى فرض الرسوم، لأن الناس أيضاً مستويات ولا بد من مراعاة هذا، فليس كل أصحاب العزب يمكنهم التسليم للرسوم ذات المستوى الحراري المرتفع.. يسروا ولا تعسروا..
وحفظ الله هذا البلد وأهله من كل ما يعكر الصفو ..


marafea@emi.ae