الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المال الصيني... طوق نجاة للاقتصاد الأوروبي

المال الصيني... طوق نجاة للاقتصاد الأوروبي
11 يناير 2011 20:49
هل تستطيع الصين أن تكون فارس أوروبا الأبيض، أي ذلك الفارس الذي يأتي على صهوة جواد لإنقاذها؟ لا تزال أزمة الدين الأوروبية تواصل تفاقمها حيث يخشى المحللون أن تلحق البرتغال التي تعاني من العسر المالي وربما إسبانيا التي تواجه مشكلات مالية أيضاً، باليونان وإيرلندا، في الحاجة الماسة إلى عملية إنقاذ دولي كبيرة. ولكن التكهنات السائدة بين المتداولين بشأن أن الصين المتخمة بالمال ستتدخل وتشتري السندات الأوروبية التي تعرضت لضربات عنيفة. وكذلك تلميحات المسؤولين الصينيين ذاتهم بأن بكين ستواصل دعمها لليورو، ساعدت العملة الأوروبية على انتزاع مكاسب يوم الأحد الماضي بعد أن كانت قد وصلت إلى أدنى مستوى لها خلال الشهور الأربعة الأخيرة في مقابل الدولار. ورد فعل الأسواق المالية يبرز النفوذ المتزايد الذي يلعبه المال الصيني ويوحي أن أوروبا قد تلجأ إلى طلب المساعدة من الصين على أساس أن ذلك سيكون له تأثير مهدئ على بعض المستثمرين. وكانت الصين قد بدأت بالفعل حملة في أوروبا لتحسين الصورة، واكتساب القبول، وتعزيز تواجدها الدبلوماسي والاقتصادي في القارة. في إطار هذه الحملة وصل نائب رئيس الوزراء والرجل القوي في النظام الصيني "لي كيكيانج" إلى لندن الاثنين الماضي، حيث عقد اجتماعات مع المسؤولين البريطانيين، وقام بالتوقيع على اتفاقيات تضمنت صفقات في مجال صناعة السيارات، والطاقة، وغيرها من الصفقات التي يتجاوز مجملها كما تشير الأنباء 4 مليارات دولار. وهذه الاتفاقيات تجيء مباشرة في أعقاب اتفاقيات مغرية أخرى عقدها نائب رئيس الوزراء الصيني أثناء توقفه في العاصمة الألمانية برلين الأسبوع الماضي. والجدير بالذكر في هذا السياق أن طلبات الشراء الصينية من ألمانيا هي التي تدفع الاقتصاد الألماني- الذي يعتبر التصدير هو قاطرته الأساسية- قدُماً على طريق التعافي، ومعه الاقتصاد الإسباني. وهناك تقارير صحفية إسبانية تفيد أن الصينيين قد طمأنوا المسؤولين الإسبان الذين يشعرون بالجزع بسبب أحوال بلادهم الاقتصادية أنهم سوف يشترون سندات حكومة إسبانية إضافية بعدة مليارات من الدولارات. ويقول المحللون إن شراء الأسهم الحكومية الإسبانية يمكن أن يساعد على استرداد ثقة المستثمرين في قدرة مدريد على الاستغناء ما كان يمكن أن يصبح في حالة حدوث أكبر عملية إنقاذ مالي خلال سنوات طويلة. "لقد كان ذلك شتاء قارس البرودة في أوروبا ليس فقط من حيث كمية الثلوج المتساقطة، والتي وصلت إلى مستويات لم تصل لها خلال عقود، وإنما أيضاً بسبب مشكلات الديون التي عانت منها بعض الدول الأوروبية"... كان هذا ما كتبه "ليو سياومنج" السفير الصيني لدى بريطانيا في مقال له في صحيفة التلغراف الأسبوع الماضي. وأضاف: غير أن أوروبا المتجمدة بفعل البرودة القارسة بدأت تستشعر دفء النسيم الصيني. وأن الصين تفعل في أوروبا ما يتعين عليها أن تفعله حسب المثل الصيني الجاري الذي يقول"علينا أن نرسل الفحم في موسم الجليد". والصين لها مصلحة استراتيجية في تعزيز وضع "اليورو"، الذي هبطت قيمته بشكل حاد أمام الدولار في الأسابيع الأخيرة، وذلك بعد أن سرت المخاوف من حدوث أزمة ديون عبر دول منطقة "اليورو" البالغ عددها 17 دولة. ويشار في هذا السياق إلى أن العملة الصينية ذاتها مربوطة بالدولار، وبالتالي فإن هبوط قيمة "اليورو" مقابل الدولار سيجعل أسعار الصادرات الصينية مرتفعة في دول الاتحاد الأوروبي التي تتاجر مع الصين أكثر مما تتاجر مع الولايات المتحدة ذاتها. والمسؤولون الأوروبيون يسعون لكسب ود الصين، وهو ما يتبين من قيام وزير مالية البرتغال التي يقول الكثير من المحللين أنها باتت على شفا وضع قد تحتاج فيه إلى عملية إنقاذ واسعة النطاق بزيارة بكين الشهر الماضي لكي يعرض على الزعماء الصينيين شراء أسهم سندات بلاده المتعثرة، وانتشرت إشاعات عبر أنحاء أوروبا يوم الإثنين الماضي مؤداها أن الصين باتت مهيأة لشراء كميات ضخمة من الديون البرتغالية، وذلك عندما تقوم لشبونة بإجراء عرض لبيع تلك الأسهم يوم الأربعاء القادم. مع ذلك، يرى معظم المحللين أن المال الصيني لن يستطيع أن يسترد ثقة المستثمرين طويلة الأمد في الاقتصاد البرتغالي. وضمن هذا السياق أوردت مجلة "دير شبيجل" الألمانية خبراً مفاده أن البرتغال تتعرض لضغط من ألمانيا وفرنسا لقبول حزمة إنقاذ ضخمة لاقتصادها قد تصل إلى 100 مليار دولار. ويوضح "جيادا جياني" الخبير الاقتصادي الأوروبي والمدير في "سيتي بنك" في لندن هذه النقطة بقوله:"الدول الأوروبية على ما يبدو تريد من البرتغال أن تقبل بحزمة إنقاذ في أسرع وقت ممكن لتهدئة الأسواق القلقة من ناحية، ولتجنب انتقال العدوى إلى الاقتصادات الأكبر حجماً في أوروبا. بيد أن الصين قد تثبت أنها قادرة على أن تكون أكثر إفادة لإسبانيا.وقد يفيد هنا الرجوع إلى ما أوردته صحيفة "إلبايس" الإسبانية في تقرير لها الأسبوع الماضي حول أن الصين تستعد لشراء سندات حكومية إسبانية بقيمة 8 مليارات دولار كجزء من مجهود تنوي القيام به لمعالجة مشكلة الديون في أوروبا. وعلى الرغم من أن نائب رئيس الوزراء الصيني لم يؤكد ما جاء في هذا التقرير الذي نشر أثناء الزيارة التي قام بها لمدريد، فإنه قال إن الصين ستستمر"في لعب دور نشط" في الأسواق المالية، وأنها ستواصل مساعدتها لليورو. ويوم الاثنين الماضي كان دور بريطانيا في كسب الاهتمام الصيني، وهو ما عبر عنه "نيك كليج" نائب رئيس الوزراء البريطاني في معرض تعليقه على نتائج زيارة رئيس الوزراء الصيني، قائلاً:"إن الاتفاقيات التي وقعناها اليوم تبين مدى الزخم الذي تبنيه دولتانا من أجل إقامة علاقات أكثر متانة بينهما". أنطوني فيولا محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©