هل رأيتم ماذا فعل مورينيو بالأمس، وكيف خطف للنادي الملكي، كعكة ملكية، بحصوله على الكأس، في زمن البارسا الصعب، الذي يبدو أنه لن يظل طويلاً، طالما أن هناك مورينيو مع ريال مدريد، فهو مدرب يساوي فريقاً بأكمله، ليس ذلك وفقط، إنه مدرب يمثل حالة في كرة القدم، وهو كالعازف الذي يخطف الأسماع والأنظار من المطرب .. هو في هذه الأيام لا ينفصل عن الريال، وإمعاناً في التلاصق والتداخل بين المدرب وناديه، بإمكاننا القول إن النادي الملكي يعيش مرحلة «ريالينيو»، الريال والمدرب. مورينيو يا سادة ليس مدرباً وفقط.. لا يفعل ما يفعله بقية المدربين، فيضع الخطة، ويقسم اللاعبين عليها ويوزع عليهم الأدوار ويكتفي، وإنما هو مدرب للفريقين اللذين يلعبان معاً، كمن يلعب الشطرنج مع نفسه، فيقوم بتلك الحالة من الصدام المستحيل، حين يريد الفوز على نفسه، فأي الجانبين نفسه وأيهما قد يخسر. كل ما كان في الكلاسيكو الأخير، وبفعل الزمن الجديد، كان يقول إن الفوز للبارسا، ولو طال هدفاً، لافترى واستشرى، ولربما كرر خماسية جديدة، ولكن مورينيو هذا المقيم دوماً في «قمقم» السحر، ولا يخرج منه إلا في المهمات، كان يعرف ماذا يريد، فبدا في بعض الوقت، مثل المعالج الصيني، الذي يزيل عنك الألم، بحركة إصبع ليس أكثر في مكان ما، وهذا ما فعله مورينيو.. اعتمد على الدفاع واللعب على المرتدات، ولكن ليس كما يحدث عندنا، فللدفاع عند مورينيو أيضاً متعته، ووضع سيرجيو راموس للمرة الأولى قلب دفاع، فاكتشف راموس نفسه من جديد، وقد لا يقبل مستقبلاً إلا بهذا الدور. ووضع كما كان حاله في المباراة الأخيرة، بيبي كلاعب ارتكاز، فبدا وكأنه يلعب بعشر رئات، وكادت الكرة تكافئ بيبي في الدقيقة 44 من الشوط الأول، عندما طار فوق الجميع وسدد برأسه كرة أعادتها العارضة، ومع راموس وبيبي، اعتمد مورينيو على سرعة رونالدو في الهجوم، وحوّلهم الثلاثة كركائز في مثلث برمودا. نعم الزمن زمن برشلونة، لكنه الوحيد الذي لم يستفد من كرة المتعة التي يقدمها ونستفيد منها نحن، فقد ظل مستحوذاً على معظم مجريات اللقاء، غير أن استحواذه لم يكن إيجابياً، خاصة بعد أن أغلق الريال أمامه كل الطرق، وبالذات أمام ميسي، الذي كان يتفرج من بعيد على منطقة «الـ18» بعد أن قامت خطة مورينيو على عدم السماح للساحر الموهوب بدخولها. كان بالإمكان أن يخسر مورينيو، وساعتها كان سيخسر كل شيء، لا سيما عندما شهد الشوط الثاني، ثورة للبارسا، ولو سجل برشلونة لما اكتفى بهدف، فهو «يتمدد» عند الفوز، ويصيبه الضغط عندما يتأخر الانتصار، كما حدث أمام الريال، عندما حاصر حلمه، وكان على يقين أن برشلونة لو تقدم سيأكل الأخضر واليابس، وكلما مر عليه الوقت يصيبه الإحباط، وهو ما كان. ولعل من أبرز سمات المدرب الكبير، قدرته على توزيع جهد اللاعبين بطريقة تكفي الفريق حتى النهاية، مثلما فعل في الكلاسيكو قبل الأخير، وعلى الرغم من طرد أحد لاعبيه، تمكن من تحقيق التعادل والخروج بأقل الخسائر، وفي المباراة الأخيرة، بدا الريال أفضل من البارسا من ناحية اللياقة، بعد أن وزع جهد لاعبيه على أشواط المباراة الأربعة. كلمة أخيرة افرح يا مورينيو فهذا حقك، وهدفك الذي أهدى الريال الكأس الملكية، قد يفوق حسابياً أهداف البارسا الخمسة في المباراة الأليمة لفريقك، فبالخمسة حصل البارسا على ثلاث نقاط، وبهدف احتضنت كأس الملك، يا «ملك المدربين». mohamed.albade@admedia.ae