بدأت يوم أمس الأول أعمال تنفيذ مشروع تطوير مصلى العيد في العاصمة أبوظبي، ليختفي معها المصلى الذي كان أحد معالم عاصمتنا الحبيبة. ويفسح الطريق أمام المشروع التطويري الجديد.
وكانت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف قد أعلنت قبل أكثر من شهر أن صلاة عيد الفطر المبارك في العاصمة ستقام في جامع الشيخ زايد الكبير عوضا عن المصلى، إلى جانب عدد من المساجد التي حددتها بهذه المناسبة أمس الأول.
كنت أتابع تدشين المشروع، وتلك الرافعة الضخمة تهدر في مكان ارتبطت صورته بالذاكرة منذ أعوام بعيدة عندما كنا نشاهد آليات بلدية أبوظبي، ترش المياه في الباحة الرملية وتنثر الأعلام الزاهية وكنا نقف عند الشارع الجانبي بانتظار مرور موكب الشيوخ. وبعد إقامة الصلاة وخطبة العيد ننطلق للسلام عليهم وتهنئتهم بالمناسبة السعيدة، قبل أن نجوب بيوت الأهل والأقارب نتبادل التهاني معهم، والصغار يجمعون العيدية في تجسيد لمعان جبلنا عليها عن مناسبة تتآلف فيها القلوب وتتعزز المشاعر والتقارب بين أفراد المجتمع. وكان الصغار إلى جانب “العيدية” يتلقون تقريع الأهل بعد أن نالت من ملابسهم الجديدة مياه سيارة البلدية التي تتولى رش الساحة الرملية بالمياه، للحد من غبار تثيره السيارات القليلة العدد لدى مرورها في المكان.
وكانت سيارة رش المياه ترد بحمولتها من الماء من المضخة الكبيرة التي لم تكن تبعد كثيرا عن المنطقة. وقد كانت هذه المضخة تزود سيارات نقل المياه أو “التناكر” بحمولتها من المياه، والبعض كان يسميها “الوايت” والتي كانت ُتسقى بها البيوت والدور في المدينة قبل أن تعرف شبكة توزيع المياه العصرية طريقها إلى بيوتنا. وقد كان الناس ينتظرون وصول تلك “التناكر” بلهفة شديدة، وبالأخص خلال أيام الصيف القائظ. في بعض المناطق كانت لا تصلها إلا ثلاث مرات في الأسبوع، وعلى السكان تدبر أمرهم، فقد كان الماء مقننا ريثما تكتمل مشروعات محطات الماء والكهرباء التي حققت لأبوظبي اليوم ما تشهد من وفرة في هاتين المادتين الحيويتين، وجعلت مثل هذه القصص شيئا من ماض يروى.
كان ينظر لمنطقة المصلى في ذلك الوقت على أنها بعيدة عن العمران، وكان الرمل يحيط بها قبل أن تظهر على استحياء بعض الدور السكنية، وسرعان ما زحف إليها البناء وأحاط بها من كل مكان كجزء من تطور المدينة بأسرها، والذي شهد كل جزء فيها تغييرات كبيرة، غيرت من الكثير والكثير من معالم المدينة التي أصبح بالكاد أن نتعرف على المناطق القديمة منها بعد أن امتدت إليها يد التطوير والتغيير إلى جانب أنها غيرت الكثير من معالمها، إلا أنها حرصت على إضفاء لمسات جمالية جعلت أبوظبي اليوم درة المدائن وأكثرها جمالا ونظافة.
وتقبل الله منا ومنكم وعساكم من عواده.


ali.alamodi@admedia.ae