على مدى الأيام القليلة الماضية عانى بعض الإخوة المواطنين ممن توجهوا للعلاج في مستشفيات العاصمة التايلاندية بانكوك على نفقة هيئات حكومية، حالة من القلق والمعاناة، إضافة إلى معاناتهم من المرض والاغتراب عن الأهل والوطن، بعد أن أبلغهم هذا المستشفى بأنهم سوف يتحملون نفقات علاجهم، اعتباراً من اليوم الثامن من سبتمبر إذا لم يتم تسوية خلاف المستشفى مع الجهات المعنية بالدولة لتسوية مستحقاته. وقد تحركت هيئة الصحة في أبوظبي وقامت بنقل المرضى إلى مستشفيات أخرى، حرصاً على استكمال البرنامج الطبي لهم، وتحقيق الغاية من الإيفاد الطبي من جهة، ومن جهة أخرى قطع الطريق على مثل هذا المستشفى الذي أراد ابتزاز المرضى بتلك الطريقة الفجة، وغير المتفقة مع الممارسات الطبية السليمة وأخلاقيات المهنة. فقد تعامل المستشفى مع مرضاه كما لو أنهم نزلاء فندق عجزوا عن سداد تكاليف الإقامة، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه يتعلق بالكيفية التي وصلت إليها الأمور إلى هذه النقطة الحرجة التي لا تتعلق فقط بقضية مجموعة مرضى وجدوا أنفسهم في هذا الموقف، وإنما بمدى تنفيذ التزامات هذه الجهة أو تلك وتمس الدولة في المقام الأول والأخير، خاصة أن الجهة المعنية بالأمر ترفض الحديث عن المبالغ أو الفواتير القديمة التي لم تتم تسويتها، في وقت يزعم فيه المستشفى أن المبالغ المستحقة تصل إلى نحو 69 مليون درهم. علماً بأن عدد المواطنين الذين تلقوا إخطارات المستشفى، ويتلقون العلاج في ذلك المستشفى حالياً، لم يتجاوز عددهم عشرين مريضاً، وهو عدد لا يكاد يذكر قياساً بآلاف المواطنين الذين يقصدون بانكوك للعلاج. وإذا كانت هناك من حقيقة ترصد في موضوع العلاج في الخارج، وبانكوك تحديداً تتعلق بما تسبب فيه تهافت البعض على العلاج هناك، وما أدى إليه من قيام مستشفيات بالمبالغة في الأسعار التي تفرضها على المرضى القادمين من الإمارات، وهو أمر ملحوظ أيضاً في وجهات علاجية أخرى، مثل سنغافورة وميونيخ. ومعه تبرز الحاجة إلى موقف حازم من الهيئات الصحية التي توفد المرضى إلى تلك الوجهات، فبعض المستشفيات يرى في الحالة المرضية القادمة إليه من الخارج كما لو أنها شيك على بياض، وبالتالي تطلق لنفسها العنان في وضع التكلفة والرقم الذي تريد في الفواتير التي يتلقاها المكتب الصحي بالسفارة سواء في بانكوك أو سنغافورة أو ميونيخ.
أن ما جرى يدعو الهيئات المختصة إلى التعامل بصورة مختلفة مع أي مشكلة قبل أن تكبر وتتوسع، فالمسألة لا تتعلق بمحاسب قرر إرجاء النظر في فواتير للغد، من دون أن يدرك أبعاد مثل هذا الأمر الذي ينعكس على نفسية شخص بعيد عن بلاده وأهله، ولا يفكر سوى في استكمال علاجه بسرعة ليعود إلى البلاد.
كما أن القضية تكشف لنا مجدداً التوسع الذي يشهده العلاج في الخارج، وخصوصاً باتجاه تايلاند على الرغم من الإمكانات الكبيرة والموارد الضخمة التي ترصدها الدولة على الصحة والعلاج، وحاجة هذه المرافق الطبية لتعزيز ثقة المواطنين فيما تقدم حتى يقبلوا عليها بدلاً من الاغتراب بحثاً عن علاج لأمراض وعلل دفعهم سوء التشخيص في معظم الأحوال للبحث عن علاج لها في الخارج أو تصحيح خطأ طبي. والله نسأل أن يعيد كل مريض إلى أهله ووطنه سالماً غانماً.


ali.alamodi@admedia.ae