لأرقام السيارات فعل السحر، وكل ما يذهب الفكر وما يأتي بالعبر. عندما تقود سيارة، وفي مؤخرتها عُلق ذلك الرقم، الذي أطلق عليه المميز، فإنك تستطيع أن تسير في الشارع بلا منغصات أو مكدرات، فجميع مَنْ في الشارع يطوفون من حولك بأخلاق رفيعة وبعضهم قد يهدئ من سرعته ليطل على اللوحة المحترمة ويشيعها بنظرات التقدير، وقد يرفع يده مسلماً ومستسلماً ثم يدعك تمر بهدوء بدون ازعاج.
الرقم المميز له مميزات لا يحظى بها الرقم المخربط والملخبط الذي لا يجعلك عرضة لاعتداءات كل من هبّ ودبّ، خاصة أولئك الذين يعانون من عقد النقص، والكبرياء المزعومة، والمشاعر المضطربة، فهؤلاء عندما يمرون على سيارة من ذات الأرقام التي لا تعجبهم، يتصرفون من حولك كالمجانين، يمارسون تصرفات لا تليق بأخلاق البشر.
الرقم المميز يحجم هؤلاء ويجبرهم على خفض وتيرة التوتر، وعندما يكون أحدهم قادماً من الخلف ومن اليسار الأقصى، فإنه لا يستطيع أن يرفع الضوء الكاشف ولا يطلق عنان الأبواق الهادرة خوفاً من أن يكون قائد السيارة المميزة أحد الهوامير الذي لو تصرَّف معه تصرفاً غير لائق فقد يجرجره إلى المهالك.
الرقم المميز حرز يحمي سائق السيارة من فوضى الفوضويين، وعناد المتزمتين، وقلقلة المقلقين..الرقم المميز، رقم ساحر مبهر، لا يرحم من لا يخاف إلا من الأرقام المميزة. ومن علَّق على سيارته لوحة برقم لا يخيف فعليه أن يبسمل ويحمدل ويدعو الله بألاّ يبليه بأولئك المرجفين في الأرض وأن يقرأ المعوذتين قبل أن يركب سيارته حتى يحميه الله من بلاء البلهاء والذين يخشون البشر ولا يخافون أخطار الطريق، عندما يمارسون القيادة بصور بهلوانية مفزعة، ويسيرون في الطريق وكأن على رؤوسهم الطير. الرقم غير المميز مصيبة عصيبة على كاهل صاحبه لأنه لا ينفع من درء سوء، ولا يشفع من منع من لا يمنعه إلا الخوف من العيون الحمراء.
شارعنا أصبح يعاني من المظهر، ومن سوء المعشر، ومن تصرفات لا ترق إلى مستوى الإنسان الذي منحه الله العقل ليزن به الأمور ويسير في الطريق ويعرف أنه مكان يشترك فيه الجميع، ولا فضل لأحد فيه على أحد، وشوارعنا الفسيحة الرحيبة تحتاج إلى عقول بشر يحترمون المكان والأرض التي يسيرون عليها.هذه الشوارع التي لا ينقصها غير عقل السائقين، تحتاج إلى مشاعر أرحب من الفضاء تتسع الآخرين دون وجل أو خلل. شوارعنا تحتاج إلى بشر تحلوا بثقافة المتحضرين وتزينوا بقيم الذين يسيرون على الأرض هوناً بدون تعالٍ وجبروت.

marafea@emi.ae