عندما تستحكم النتائج وتضيق حلقة الانتصارات وتتراجع الفرق، وتثور ثائرة الجماهير، يصبح ضرورياً على إدارة النادي- أي ناد- أن تقدم ضحية للجماهير، كي تحفظ ماء وجهها وتقدم سبباً لما يحدث، وبالطبع لن يكون اللاعبون هم الضحية، ولن تكون الإدارة، فرحيل هؤلاء ليس بالأمر الهين، ولذا يكون اللجوء للمدرب، فقد اعتاد الجميع على أنه سبب المشكلة، وفي غمضة عين تتحول كل قصائد المديح التي قيلت يوم التعاقد معه، إلى معلقات هجاء، وكأنه لا يفهم في أبجديات الكرة، بالرغم من أن في أسباب الإقالة نفسها ما يدين الإدارات أياً كانت ماهيتها، فهي التي فضلت هذا على ذاك، وهي التي راهنت على فلان، وما دام رهانها خاسراً فعليها أن تتحمل من الوزر جانباً. قد يربط البعض بين تلك الكلمات وبين قرار الوصل بإقالة فارياس، وللحقيقة، وإن كان القرار الأخير هو الذي استحثني على الكتابة، إلا أنه ليس المبرر الوحيد، لأن فارياس ليس الراحل الوحيد، فمنذ أيام سبقه البنزرتي مدرب بني ياس، وقبلهما سبقهما كثيرون، وبعدهما لن تتوقف المقصلة عن قطع رقاب المدربين، فلا أحد غيرهم اعتدنا أن يرحل، ولا أحد غيرهم اعتدنا أن يحاسب. وأول سؤال يتبادر إلى الذهن الآن: ومن غير المدرب مسؤول؟ وأقول: ولماذا يكون المدرب وحده هو المسؤول، وهل أتينا بهؤلاء المدربين من الشارع قبل أن نضطر لجلبهم؟.. بالعكس، فالأندية الإماراتية بالذات تتفنن في البحث عن المدرب ذي السمعة، وتباهي بعضها بعضاً في التعاقد مع مدربين أسماء، وحين تسير بهم السفينة، نحمد الله لأنه وفقنا في العثور عليهم، وإذا ما واجهته كبوة أو اثنتان أو حتى عشر، كان المخطيء والمتسبب فيما حدث، وبالتالي عليه أن يرحل، لتعود النتائج والانتصارات، ونبدأ رحلة جديدة من البحث، والثقة، قبل الوصول إلى محطة «الضحية» تلك. وأعتقد أن مشكلتنا أن من يتولون الأمر من بدايته وحتى نهايته، ليسوا جميعاً من أهل الاختصاص، وفي مرات كثيرة هنا طالبت بضرورة تشكيل لجان فنية في الأندية، تتولى بحيادية، وبعيداً عن أي ضغوط تقييم المدرب والفريق ككل، والجهاز الإداري أيضاً، وطريقة العمل وكيفية التواصل بين الإدارة والفريق، وربما ترى هذه اللجنة مثلاً أن الخلل في اللاعبين الذين يؤدون بلا روح، أو ربما في الجهاز الإداري المغيب عن الفريق والذي لا يفهم آليات عمله. كما أنه علينا ونحن نبحث عن مدرب ألا نختار الاسم، وإنما نختار العمل، وألا نبحث عمن يجلب لنا بطولة وفقط، وإنما من يحقق لنا استراتيجية معينة، قد لا يكون ضمن بنودها أن نفوز بلقب وإنما نبني فريقاً، والأهم أنه علينا أن نختار الوقت المناسب لا أن يختارنا الوقت. والأهم أن علينا في الأندية أن نكتشف وأن نهدي كرة الإمارات كل حين، مدرباً نعول عليه في المستقبل، لا أن نتبادل الأدوار، فيرحل المدرب من هنا ليستقر هناك، ونظل ندور بين عدد من المدربين والوجوه التي حفظتها كرة الإمارات، وألا تغرينا نتائج مدرب ما في ناد ما بأن نسطو ونزايد عليه، إذ ربما لا يكون وحده سر التفوق، وإنما أسباب أخرى ليست لدينا. كلمة أخيرة: مهما كانت الضغوط، لا تدع غيرك يتحمل نتيجة عملك، فقد تنجح مرة أو مرات لكنك لن تصل إلى هدفك. mohamed.albade@admedia.ae