بعض المسؤولين مازالوا يعيشون في الأزمنة الغابرة، ويتعاملون مع الصحافة بالجفاء، الصحفي بالنسبة لهم مجرد «ساعي بريد» مهمته تبدأ بتسلم الـ press Release وتوصيله بسلام للصحيفة دون العبث فيه أو محاولة الحصول على معلومات إضافية حول الموضوع، ينظرون الى أنهم شركاء استراتيجيون مع الإعلام، فيما يحلو لهم ويطيب لهم سماعه فقط، ويفضلوا أن ينشروا لأنفسهم كل ما يمت للمديح بصلة فقط، ولا يفضلون سماع ما يسمى «النقد البناء» لأنه يوضح أوجه الخلل والقصور فيما يديرون، وما يصدرون من قرارات.. وباختصار إنها صحافة على كيفك.. يتخفون دائماً وراء أشخاص في مؤسساتهم يطلقون عليهم «المتحدثون»، ويفترض أن يكون المتحدث من المتخصصين في الإعلام وعلى دراية تامة بالمهنة وأهلها، وما يحتاجه زميله الصحفي من معلومات تقدم للرأي العام، وتخدم المصلحة العامة في كل مجالاتها، إلا أن المتحدث الرسمي خلع جلباب المهنة، وارتدى قفازات حارس المرمى، الذي يدافع عنه بكل ما أوتي من قوة حتى وإن كان ذلك على حساب الأخلاق.. فالمهم عنده والأهم صورة المدير، لا تهتز ولا تحاول أن تنفض الغبار عنها، و»التلميع والتشميع» له حتى يخرج بأبهى صورة له أمام الجمهور ومحبيه ومن يقوم بالتصفيق له.. تلك الفئة من المسؤولين تجدهم دائماً متخربطين يحاولون دائماً التخفي وعدم الظهور، إلا في الحالات التي يريدون، ويتسترون وراء موظفيهم في حال رغبتهم بنشر الأخبار التي يحتاجون فإن أصابت وحققت نتائج «زين على زين»، وإن سببت مشاكل وردود أفعال سلبية فهي بالنسبة لهم مجرد غلطة موظف.. وكبش الفداء موجود، والمغفلون عندهم كثيرون لا يمانع أن ينسب الخطأ لنفسه ويرمي بنفسه في التهلكة من أجل عيون مسؤوله. والمصيبة أن بعضهم يعتمد على الخداع (اللهم إني صائم) ويغالط نفسه، ويكابر، ويغير الوقائع وما حدث، ولا يكترث لأن يكون ذلك نقصاً في شخصيته، قد يغير كلامه 4 أو 5 مرات وأن استدعى الأمر 10 مرات فلا يكترث، لا يبالي كيف ينظر الناس إليه.. والمتحدثون يعتبرون أنفسهم أنهم «آخر موديل» ويتكلمون في كل شيء ولم يتركوا مجالاً إلا وأفتوا فيه ولو تسألهم عن لبن العصفور إلا ووجدوا لك الإجابات، ولو تحاججهم في أن هل الديك يبيض، ولوجدت عندهم حجة بالغة لا يشوبها أي نقصان، وتجدهم يتكلمون في الأرض والسماء والجو والفضاء كل ما يطلبه منهم مديرهم أو ما يملونه عليهم دون التفكير في ذلك إن كان صحيحاً أم خطأ، ودون النظر في حقائق الأمور وتفاصيلها، ولو قال المسؤول للمتحدث ارم نفسك في البحر ستكون الإجابة، سمعاً وطاعة.