ستحتاج إلى ما يقارب الساعتين، لتقطع الطريق من قلب العاصمة إلى ذلك المرفأ الصغير لتصل منه عبر قارب فخم في رحلة بحرية ساحرة لا تتجاوز العشرين دقيقة إلى أرض الجزيرة، وبمجرد أن تترجل من القارب سيكون بانتظارك حافلة تقلك إلى الفندق الوحيد هناك، ما يميز تلك الحافلة أنها لا تصدر أي تلوث بيئي؛ لأنها تسير ببطاريات الكهرباء، حيث تتواجد أنت الآن على أرض جزيرة طبيعية وأخاذة جدا جدا، كما وأنها خالية من التلوث، وبذلك فهي أقرب إلى المحميات الطبيعية بكل ما يحمله التوصيف من معنى.
أما إذا كنت محظوظا وتمكنت من أن تحظى بحجز مسبق لتصلها بالطائرة المائية، فلن تحتاج إلى كل ذلك الوقت، كل ما عليك أن تتوجه إلى نقطة انطلاق الطائرة وبها ستصل إلى الجزيرة خلال نصف ساعة لا أكثر، وفي فندق الجزيرة ذي الخمس نجوم ستتعرف على ملمح آخر من ملامح هذه البلاد، وستشعر بالذنب تجاه بلد تحبه حد العشق وتظن أنك تعرفه جيدا، فإذا بك تكتشف إنك غامرت وتكلفت زيارة جزر بعيدة ومكلفة كالبهاما وبوكيت وبالي وقبرص والكناري، لكنك لم تكلف نفسك أن تلتفت يمينا أو شمالا لتعرف أن لديك في الإمارات جزرا ومناطق لا تقل جمالا إن لم تفقها، لكنك لا تعرف عنها سوى اسمها لا أكثر.
في جزيرة صير بني ياس ستفتح عينيك دهشا لكل هذا الجمال الأخاذ الذي يحيط بك، ستشم رائحة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان غفر الله تعالى له ورحمه رحمة واسعة، ستتلمس خطاه وهو يسير على أرض هذه الجزيرة التي طالما أحبها ومكث فيها وغرس الكثير من الأشجار والقيم والمحبة، ستتلمس بالفعل معنى أن تحب أرضك وتعشق طبيعتها وتضع يديك في أعماق طينها وترابها لتلمس نبض قلبها ولتغرس أقدامك وأشجارك في ثنايا عروقها وروحها.
استراحة الشيخ زايد تطل على تلة مرتفعة تشرف على جهات الجزيرة، ومنها كان المغفور له الشيخ زايد يطل وفيها كان يمكث متأملا جمال بلاده، وفي تلك الاستراحة البسيطة كان يستقبل الكثير من زواره، كل شيئ لا زال على حاله، تكاثرت تلك الغزلان التي أطلقها في الجزيرة، وتكاثرت معها سلالات أخرى نادرة وحيوانات عديدة وجدت في الجزيرة أمانها وأمنها.
لا تفتقد الهدوء وجمال الطبيعة، ولن تفتقد أرقى مستويات الخدمة وعالمية التوجهات، ففي الجزيرة يتم العمل على تأسيس مشروع بيئي رائد لتوليد الطاقة عبر طواحين الهواء أو المراوح العملاقة التي لطالما مررنا عليها ونحن نقطع أرياف أوروبا الأخاذة، في جزيرة صير بني ياس ما عليك إلا أن تكون محبا للطبيعة، راغبا في الاكتشاف والمعرفة، لتجد أمامك مجالا رحبا للتعرف على أنواع مختلفة من النباتات والأشجار وسلالات الغزلان المختلفة والحيوانات الأخرى والصخور .... الخ، وبالتأكيد إذا صادف ذهابك إلى هناك في الفترة ما بين شهر فبراير وأبريل، فأنت تختار أفضل شهور العام لتحظى بأجمل مناخ على وجه الأرض بصحبة الطبيعة وفي حضور البحر باذخ الزرقة والجمال.


ayya-222@hotmail.com