لا يختلف اثنان على الأهمية الاقتصادية الكبيرة التي تلعبها الموانئ والمنافذ البحرية في حركة التبادل التجاري وتعزيز النشاط التجاري لأي بلد وتنشيط عمليات الاستيراد والتصدير وإعادة التصدير، وهو الأمر الذي تميزت به دولة الإمارات في السنوات الماضية، خصوصا مع وجود ميناء جبل علي في دبي الذي يعتبر من بين أكبر 10 موانئ في العالم ويغذي دول المنطقة من خلال أنواع البضائع والسلع المتعددة. لكن ما يبدو جليا في المرحلة الحالية هو أن دولة الإمارات لن تقف عند هذا الحد، بل هي على موعد مع نقلة عملاقة خلال السنوات القليلة القادمة، لتتحول إلى واحدة من أكبر وأهم المناطق المتميزة بالخدمات اللوجستية والنقل البحري على مستوى العالم، وذلك مع وجود المشروع الضخم لتطوير ميناء ومدينة خليفة في أبوظبي الذي تصل تكلفة المرحلة الأولى منه إلى 26.5 مليار درهم، ذلك المشروع غير العادي في حجمه وفي دوره والذي سيدعم اقتصاد الدولة وسيعزز خطط التنمية والتنويع الاقتصادي لإمارة أبوظبي ولدولة الإمارات. من الصعب حصر مميزات وإمكانيات هذا المشروع في كلمات قليلة، فبالإضافة إلى دور مدينة خليفة الصناعية في تعزيز ودعم القطاع الصناعي المحلي في عدة صناعات استراتيجية منها صناعة الالمنيوم وغيرها من الصناعات الآخذة في التوسع عالميا، فإن مكان تنفيذ المشروع وموقعه الذي يتوسط مدينتي أبوظبي ودبي، سيخلق قدرا كبيرا من التكامل بين ميناء جبل علي وميناء خليفة كاثنين من أكبر الموانئ في العالم، ومن المخطط أن يتم ربط المشروعين بشبكات نقل متطورة تشمل قطارات وطرق نقل حديثة، وكل ذلك سيؤدي إلى ظهور منطقة عملاقة لخدمات الموانئ والنقل والخدمات اللوجستية والصناعية، ستسهم في دفع موقع دولة الإمارات خطوات طويلة نحو الأمام على خارطة الاقتصاد العالمية. دولة الإمارات مقبلة على مرحلة مهمة على طريق البناء الاقتصادي وتعزيز مكتسبات السنوات الماضية، مرحلة ستشهد تكاملا أكبر في قطاع الموانئ والنقل البحري بين العاصمة أبوظبي التي تنطلق بخطوات ثابتة وراسخة نحو تعزيز اقتصادها وتنفيذ خططها المستقبلية، وبين دبي التي اشتهرت خلال السنوات الماضية ببراعتها في قطاع الموانئ وإدارة المنافذ البحرية في العالم، فهي تدير العديد من الموانئ في عشرات البلدان حول العالم، كما حققت منجزات مهمة على صعيد الخدمات اللوجستية وعمليات إعادة التصدير. قطاع الموانئ البحرية يبقى واحدا من أهم القطاعات الاقتصادية في عالم اليوم، وسيكتسب مكانة إضافية في المستقبل مع استمرار الاقتصاد العالمي في التوسع والنمو، وسيكون مشروع ميناء ومدينة خليفة في أبوظبي الذي يمكن أن نطلق عليه لقب «عملاق البحار» محطة مهمة في المسيرة الاقتصادية الطموحة لدولة الإمارات خلال السنوات القادمة. حسين الحمادي | h ssain.alhamadi@admedia.ae