تشهد الأسواق هذه الأيام مع اقتراب عيد الفطر السعيد ازدحاماً عجيباً غريباً نتيجة تدافع الناس وحرصهم على شراء مستلزمات العيد خوفاً من موجة الغلاء التي ستجتاح المحال قريباً؛ لأن التجار يعرفون كيف ينتهزون الفرص والمناسبات من أجل مضاعفة أرباحهم، وها هي الفرصة لاحت لهم، فهناك مناسبتان لا أحد يقوى على تجاهلهما، فعيد الفطر السعيد على الأبواب وهو مناسبة دينية ارتبطت بعادات الناس وتقاليدهم ومجتمعهم بل وحتى دينهم، لذلك فهي الفرصة الأنسب للتسويق والترويج ورفع الأسعار، فهي أهم المواسم الاقتصادية، وتتفاقم مشكلة المستهلكين عندما تكون مناسبة مثل بداية العام الدراسي مباشرة بعد العيد، وهي أيضاً مناسبة لا يغفلها أولياء الأمور، لما لها من تأثير على مستقبل أبنائهم.. وتصور أن تجتمع على الناس مناسبتان سمينتان مثل هاتين وتجتمع عليهم الطمع والجشع والانتهازية واستغلال الفرص لمكاسب تجارية يبررها رجال الأعمال بأنها «بزنس» والتجارة شطارة والفرص مثل هذه لا تعوض.. لا شك في أن هذه المناسبات المتلاحقة التي تأتي بعد الأسبوع الثاني من الشهر- يعني بعد أن يكون الراتب قد طار فعلاً- لا شك في أنها ستلقي بظلالها وبأثقالها على أولياء الأمور «الغلابة» الذين يهمهم إسعاد أطفالهم في العيد وفي اليوم الأول من العام الدراسي الجديد.. طبعاً أمثالي من الموظفين، سيتعاطفون مع أولياء الأمور وسيشعرون بالرغبة في فعل شيء لمساندتهم على أعباء المعيشة، غير أن أمثالي ليس بيدهم حيلة غير مقاطعة الأسواق من أجل تخفيف الازدحام أولاً ومن أجل ترك مجال للآخرين ليحصلوا على احتياجاتهم في الوقت المناسب وبأسعار قد تناسبهم.. التجار لا يرحمون وعندما تتحدث مع أحدهم سيجعل الدموع تكاد «تطفر» من عينيك من حجم المأساة التي يعيشها بسبب تعنت أصحاب العقارات الذين رفعوا قيمة الإيجارات، وهم بدورهم يقولون إن أسعار مواد البناء ارتفعت، وأصحابها يقولون إن تكلفة العملية التشغيلية لخط الإنتاج زادت بسبب ارتفاع أسعار البترول وشركات البترول تقول إن الطلب العالمي على البترول متزايد مما يسبب ارتفاع الأسعار، وفي النهاية تراهم يعيدون ذلك إلى دورة الاقتصاد العالمي.. غير إن كل أولئك يخرجون من العملية وقد ربحوا وكسبوا ويبقى الخاسر الوحيد والضحية التي يجب أن تدفع الثمن للجميع هو المستهلك المسكين الذي ليس أمامه إلا الدفع؛ لأن المضطر يركب الصعب، فليس هناك حل وإدارة حماية المستهلك تسعى وتحاول وتجتهد ولكن المسألة أكثر تشعباً من جهودهم، و»الهوامير» من التجار لديهم أساليبهم لرفع الأسعار بصور خفية لا يكتشفها الخبراء ولا المفتشون ويكتشفها جيب الموظف «الغلبان» الذي تجده مخروماً من أول أيام الشهر.. amal.almehairi@admedia.ae