لن أغالي إن قلت إن الحُلم انتهى بالأمس، وأقصد به بطولة العالم لمحترفي الجو جيتسو التي شهدت إقبالاً تبخل به ملاعبنا في الكثير من مباريات دوري المحترفين، وبالطبع لم يكن السبب فقط، السيارات التي قدمتها إحدى الشركات الراعية وجرى عليها السحب كل ليلة، وإنما من الواضح أن اللعبة باتت لها أرضية راسخة، وشعبية جارفة، وذلك راجع إلى طبيعتها التي قد تستعصي على البعض، غير أنهم ما يلبثون أن يعشقوها حين يفهمون أسرارها وحركاتها. وبالأمس، كان الدليل الجديد على الاهتمام البالغ بتلك اللعبة، بحضور سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني، رئيس مجلس أبوظبي الرياضي، وسمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان رئيس هيئة طيران الرئاسة بأبوظبي، الأب الروحي للعبة، والذي حرص أمس الأول أيضاً على الحضور، ليس فقط لمتابعة البطولة، وإنما أيضاً للقاء أبطالها، والكثير منهم أصدقاؤه وتلاميذه حول العالم. وبالأمس، أدلى سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان بتصريحات تنم عن الرضا بما آلت إليه أحوال اللعبة، التي كان وراء دخولها للإمارات منذ عام 1995، وليس 98 كما كان شائعاً، كما كنا على موعد مع نبأ بدا مفاجئاً على الرغم من أنه معروف للمهتمين باللعبة، وهو أن سمو الشيخ طحنون بن زايد، هو الوحيد في الإمارات الذي يحمل الحزام الأسود منذ سنوات عديدة، وهو الحزام الذي يؤهل حامله للمشاركة والمنافسة الرسمية في البطولات الدولية المعتمدة، وليس البطولات المفتوحة فقط. بالأمس، كأني بسموه يطالع من الصالة الكبرى بمركز أبوظبي الدولي للمعارض، تفاصيل الحلم وقد اكتمل، وملامح البنيان وقد بات شاهقاً راسخاً في الأرض، فاللعبة في الإمارات تتطور يوماً بعد يوم، وقاعدتها السنية تمتد في المدارس ومراكز التدريب، والفتاة باتت تزاحم الرجل على بساط الفن الرفيع، وكلها مكاسب هائلة ما كان لها أن تتحقق في هذا العمر القصير للعبة على أرض الإمارات، لولا أن البيئة الحاضنة هنا، تشجع على العمل وتنشد التميز، وتحفز على العطاء، وتوفر أسباب التفوق والإنجاز كافة. وبالأمس أيضاً ومع لحظة إسدال الستار، لم يرد نجوم الإمارات للبطولة العالمية أن تمضي دون بصمة إماراتية، فكان الموعد مع بطلنا عبد الله حمد الكتبي، والذي قدم للوطن أغلى ذهبية في بطولة الأساتذة، ليضيفها إلى بقية الميداليات الفضية والبرونزية التي حققناها في جولتي البطولة الختامية. أما أكثر ما أسعدني في هذه البطولة وأعتقد أنه أسعد كل إماراتي، فهو الإنجاز الذي حققه أشبال الإمارات حين فازوا بصدارة العالم، محققين 23 ميدالية متنوعة بين الذهب والفضة والبرونز، وروعة هذا الإنجاز بالذات يكمن في أنه تحقق على يد الصغار، وأكد أن لدينا ذخيرة من أبطال المستقبل، سيحملون عما قريب راية التحدي، ليكملوا مسيرة عبد الله الكتبي وفيصل الكتبي ويحيى منصور وغيرهم، ممن أسسوا لهذه اللعبة، وشكلوا جيلها الأول على أرض الإمارات، وأفسحوا الطريق لجيل واعد جديد، تعلم منهم الكثير، وكان في مقدمة الدروس أن الوطن يُبنى بسواعد الأبناء والإنجازات تأتي بالعمل والصبر وإنكار الذات. كلمة أخيرة: هكذا أبوظبي.. تودع بطولة لتستقبل أخرى، كما الشمس، تغرب عن بلد لتشرق على آخر. mohamed.albade@admedia.ae