ما يتعرض له أطفالنا من زخم الثقافات الأخرى عن طريق الخدم والسائقين في المنازل والبقالات والمراكز التجارية إلى وسائل الإعلام والاتصالات الحديثة التي تشغل فكرهم وتشكل عقولهم بلغات غير لغتهم دون أن يكون هناك قدر مواز من مخزون لغوي عربي يستطيع أن يخلق التوازن مع هذا الكم الهائل من الوافد من الثقافات واللغات الأجنبية يحتم ضرورة أن تستشرف الجهات المعنية المستقبل. فمن حق الطفل على مجتمعه اكتساب لغته الأم وتعلمها وإتقانها واعتمادها لغة للتواصل والإبداع وهذا في حد ذاته يشكل تحدياً كبيراً للأسرة على وجه الخصوص والأم في المقام الأول، لأن الأم المدرسة الأولى للطفل كما تحتاج المواجهة إلى قدر كبير من التأمل والمتابعة والتخطيط والتنفيذ من اجل تأمين البيئة الحاضنة لطفل يمتلك لغته الأم ويستشعر عظمتها ويبتهج باستخدامها أداة للتعبير عن عالمه الوجداني والروحي والعقلي وهذا ما نعول عليه في مؤسساتنا التعليمية ولطالما أكد الخبراء أن حرمان الطفل من لغته الأم يعنى حرمانه من النماء الوجداني وكينونته الإنسانية، وان الاهتمام باللغة الأم لا يعني تجاهل اللغة الثانية، إن تعلم لغة العصر يغني شخصية الطفل وينمي عناصر إنسانيته المتكاملة ليحلق بجناحين، فضلا عن فتح آفاق جديدة أمامه، حيث يعول أبناء المجتمع على الجهات المعنية ذات العلاقة بعقد الأبحاث والدراسات للتغلب على الأخطار الناجمة عن تلك المعضلة وطرق معالجتها، فاللغة هوية المجتمع وقوميته وارثة وتاريخه وعنوان رسالته الإسلامية. هذا الاهتمام يتعلق بمستقبل الدولة وأجيالها الناشئة وحقهم في التعبير عن أنفسهم بلغتهم القومية لغــة القرآن الكريم وفى تمكينهم من امتلاك ناصيتها بالشكل الصحيح الذي يليق بلغتنا الجميلة والذي يعكس عظمة أبنائها وتراثها وتاريخها العتيد. حقيقة أن لغتنا تشهد قدرا من التهديد يستدعى اتخاذ العديد من الخطوات للحيلولة دون استمرار التدهور الملموس في مـدى تعلم أطفالنا للغة العربية ومدى حسن استخدامهم لها، هناك دول أخرى تحافظ على لغتها الوطنية وتسعى لحمايتها من غزو لغة أجنبية أخرى. انظر إلى بعض الدول الغربية قد يتحدث الواحد منهم أكثر من لغة لكنه يصر على استخدام لغته الأم، وقد لا يجيبك على سؤال رغم فهمه لما تريد إلا بلغته ! انظر حولك تتحدث بلغة عربية مكسرة حتى يفهمنا الآخر، في الوقت الذي يجب أن يبذل جهداً لتعلم لغتنا، أحيانا قد يحدث العكس! فهل نتعلم ؟ إذا أردنا أن نسير بهذا الاتجاه فلابد من إيجاد الوسائل الكفيلة بحماية لغتنا العربية والحفاظ عليها، حماية لمستقبل أطفالنا حتى يظلوا فخورين بلغتهم وثقافتهم وحضارتهم وفنونهم وآدابهم وبتقاليدهم وأعرافهم وبشخصيتهم المميزة وهويتهم الخاصة وللحديث بقية. jameelrafee@admedia.ae