تعاطف أبناء الإمارات والمقيمون على أرضها الطيبة، بصورة كبيرة مع الشعب الياباني الصديق الذي تعرض لأسوأ كارثة طبيعية منذ ما يزيد على قرن، من جراء الزلزال العنيف المدمر، وما صاحبه من موجات المد البحري العاتية “ التسونامي”، وزاد من قسوتها ما نتج عن الدمار الهائل الذي ضرب محطة فوكوشيما النووية وما نجم عنه من تسرب اشعاعي ذكر البشرية بكارثة مفاعل تشرنوبل في أوكرانيا في ثمانينيات القرن الماضي. وقد اتخذ تعاطف أبناء الإمارات مع أصدقائهم اليابانيين صوراً شتى من الدعم الأدبي والمادي.
وقد كان اليابانيون كباراً في مواجهة هذ الكارثة، وكباراً في تصميمهم على تجاوزها، للنهوض من جديد، كما فعلوا من قبل وأقاموا أكبر اقتصاد في العالم بعد هزيمتهم العسكرية خلال الحرب العالمية الثانية.
وقد تابعنا تلك التقارير عن الهدوء الذي تعاملوا به مع الكارثة التي أودت بحياة آلاف الأشخاص، وشردت عشرات الآلاف غيرهم. وانتظموا في طوابير منظمة بهدوء. ولم يتكالبوا على منافذ البيع أو التوزيع، وكل منهم يشتري فقط ما يحتاج ليحصل الكل على ما يريد .المطاعم خفضت أسعارها وكذلك الفنادق والشقق وأجهزة الصرف الآلي لم تتعرض لأي محاولة للسرقة أو السطو، القوي يساعد الضعيف والشباب يساعدون المسنين. وحتى عندما انقطعت الكهرباء في المحال أعاد الناس ما بأيديهم إلى الرفوف و أنصرفوا بهدوء.
وحملت لنا التقارير من صور التضحيات الكثير، لعل في مقدمتها قصة الخمسين عاملاً الذين ظلوا في المفاعل النووي يضخون ماء البحر فيه وهم يواجهون الموت بتعرضهم لإشعاعات المفاعل.
وقصة عمدة ريكوزينتاكا الذي وجد نفسه أمام خيارين لدى وقوع الزلزال و المدّ البحري الذي دمّر المدينة وقتل العديد من سكانها، إما التخلي عن مسؤوليته في العمل لإنقاذ زملائه ومواجهة الكارثة، وإما البحث عن مصير زوجته، فاختار الأول.
وقبل أيام، وبمناسبة مرور شهر على الزلزال وجه ناوتو كان رئيس وزراء اليابان، رسالة إلــى شعوب العالم التي وقفت إلى جوار شعبه في المحنة التي تعرض لها، وقد كانت الرسالة بعنوان “كيزونا” ، وتعني باللغة اليابانية “وقفة الصداقة الحقة”.
وقال فيها “لم يكن هناك طعام ولا ماء ولا كهرباء في المناطق التي اجتاحها المد البحري المدمر، كما لم يكن باستطاعة الناجين أجراء أية اتصالات، خلال ذلك الوقت العصيب تسابق الناس من أرجاء الدنيا ليقفوا إلى جانبنا يصحبهم الأمل والشجاعة الملهمة”.
واضاف”لا نزال نتلقى تشجيعاً هائلاً ومستمراً وصلواتٍ ودعماً من كل شعوب العالم. نقدر بصدق وقفة الصداقة الحقة “كيزونا” التي بذلها أصدقاؤنا حول العالم”.
واختتم رسالته قائلاً” بجهودنا الخاصة وبمساندة المجتمع الدولي سوف تتعافى اليابان لتعود أقوى من ذي قبل، عندها سنرد لكم المعروف لقاء ما قدمتموه من عون كريم، وبينما يكبر شعورنا، بالمعروف لكم ليصبح أملاً ، لا يسعنا إلا أن نشكركم جميعاُ بكل إخلاص، فالصديق الحقيقي يظهر وقت الضيق”. ونحن نفخر أننا كنا إلى جوار اصدقائنا في اليابان الذين نتمنى لهم تجاوز هذه المحنة المؤلمة سريعاً.


ali.alamodi@admedia.ae