من أجمل ما أنتجته المخيلة البشرية على مراحل نشأتها وتطورها هو ما يتعارف عليه بالأسطورة أو الخرافة، أي الحكاية التي ليس لها اصل حسب “المعجم الوسيط”، وهي أيضا تعني كل ما هو خارق وغير ممكن التحقق واقعيا بالنسبة للعقل المنطقي والعين المبصرة والحس المحدود. وهذه المخيلة بما أنتجته سواء على الصعيد المقدس، أي ما يسرد من حكايات مكتوبة أو شفاهية شكلت وتشكل للإنسان حسب معتقده منجاة وملاذاً أمام قوة الواقع الذي يصر أن يمارس القسوة على المشاعر والتفكير من خلال قوة الشر وانتشاره في الحياة وتمكنه من تسيّد المشهد اليومي للعالم. ??? من الواجب علينا احترام هذا الأسطوري الذي يتم التشبث به على أنه الملاذ والمنجاة. وبهذا الاحترام يتحقق التقدير بمعناه الإنساني الشاسع للأفراد والجماعات بما تعتقده. ??? إبداعياً تشكل الأسطورة الزاد الحقيقي لإنعاش المخيلة الجميلة بالنسبة للمبدع، منها يتزود كي يشحن الطاقة الإبداعية ويخرج من هذا القالب الإسمنتي الذي يغلف الحياة اليومية المليئة بالكثير مما يزعج الروح والقلب. ??? في الحياة أتى ويأتي من يريد أن يغير جماليات وجود الأسطورة في أذهان الشعوب، يريد أن يعادل الحياة رياضيا، يطرح الواقع كحقيقة مطلقة، حقيقة اليوم من بواكيره إلى ليله وبكل تعالي يضحك ويسخر من هذه الأساطير والخرافات الراسخة في أذهان الشعوب حسب أديانهم ولغاتهم ومواقعهم الجغرافية، يريد بكل سهولة أن يقول ويغير من القناعات ويطرح بهذا الاستخفاف بأنه متمدن أو متقدم أو حديث. لكن في منطق العين البصيرة والخيال الشاسع والروح الكبيرة القادرة على استيعاب الكون ولمس الجمال، حيث يتم تجاوز المادي والسمو على الحركة الآلية للبشر، في صفاء النفس ورقة الشعور، هنا حيث يسكن المبدع، ينتفي الاستخفاف بالأساطير والخرافات.. هنا عند المبدع الحقيقي يحتفى كثيراً ويعتنى بها ـالأساطيرـ ذلك لأنها أعلى من الواقع، إنها فاتحة الخيال وهي مخزونه وزاده اليومي للرؤية والحركة. ??? في الأسطورة تتجلى المخيلة ومن خلالها يمكن رؤية الجمال في الشعوب، يمكن الكتابة، ويمكن النشيد والانتشاء، يمكن الحلم ويمكن العشق ويمكن الحب. لذا علينا التمسك بخرافاتنا وأساطيرنا.. وعلينا أسطرة حياتنا. saadjumah@hotmail.com