ربما صبر عن التدخين لمدة ساعتين في مطار لندن، وسبع ساعات مدة الرحلة، لكنه لم يصدق صاحبنا أن يطأ مطار دولته حتى أشعل تلك السيجارة وأخفاها بين أصابعه وصار يقتنص لحظات لشفط صلب السيجارة حتى خشيت على رئتيه من التهتك، فالدخان كان يكتمه في صدره لا يظهر لا من أنفه ولا من فمه إلا قليلاً، وما كاد أن ينتهي من العود الأول حتى أتبعه بالثاني، طبعاً كانت حافة أرضية المطار الرخامية هي مكان دفن بقية السيجارة، تعجبت من تصرف هذا المواطن الصالح الذي لم يستطع أن يخترق الممنوع، وخاف من الإجراءات المعمول بها في مطارات العالم حتى وصل مطار بلده، ساعتها ولعها ولعها ثم شعللها شعللها، التساؤل هو ليست مسألة الوعي والشعور بالمسؤولية، التساؤل هو أن هذا المواطن يخاف في بلدان الآخرين ولا يحترم نفسه في وطنه!
• لماذا يربط بعض الناس الغيرة الوطنية بأشياء لا تخصها، وكأن الغيرة الوطنية سلاح يمكن أن يشهر في وجوه الناس لأنهم يتحدثون في مواضيع لا يفهمها الآخر أو تخالف رأيه أو تثير لديه حساسية شخصية مرضية أو تلمس عقدة الاجتماعية، يبدو سلاح الجاهل طرياً، لذلك كثيراً ما يقويه بالدين والشرع وحكمة السلف الصالح أو الوطنية والغيرة عليها!
• لماذا لا تحرص صحفنا على المصطلحات الصحيحة في تعاملها مع الخبر أو التحقيق الصحفي؟ لماذا لا يكون ذلك التشدد المهني الذي يرقى بها كالصحف الأجنبية التي تسمي الأشياء بأسمائها؟ الأمر الذي يعزز من مصداقيتها وحرفيتها، فقارئ اليوم أذكى مما يتصور البعض ومتعدد مصادر المعرفة، ولا يمكن أن تمر عليه الأمور هكذا ببساطتها وأحياناً بغبائها، فقط يمكن أن نستثني من ذلك الصفحات الرياضية، فهي الأدق ربما كونت مع الوقت مصطلحاتها أو لا يمكن أن يجملوا شيئاً رآه الناس طوال ساعة ونصف مباشرة أو من خلال التلفزيون!
• تعرفون قصة الأسهم خلال الأعوام المنصرمة، الناس كانوا كأن الريح تحتهم، لا يقدرون أن يجلسوا دون الحديث عنها وفيها وبشأنها، وفجأة أصبح الكل يعرف التعامل بها، وأخبار من هنا وهناك، وملايين طائرة في الهواء تستقر في جيوب المتعاملين والوسطاء والبنوك، الكل رابح، فقط كنت أريد أن أعرف في ذاك الوقت من هو الطرف الخاسر، لأنه لا يوجد رابح بدون خسران، كمعادلة معروفة في السوق وبين المتعاملين، حتى النساء غزون السوق وأصبحن قوة فيه، لم يبق أحد حتى أولئك الذين كانت تمر عليهم حصة الحساب مثل الدهر، سباق محموم نحو الأسهم، اليوم عرفت حجم الخاسرين فقد كانوا كثر بحيث لا تستوعبهم السجون!.


amood8@yahoo.com