لظرف ما اضطررت لقيادة سيارة أحد أشقائي المراهقين، وما أن ركبتها حتى شعرت بالخوف، وأنا أربط حزام الأمان وأدعو بكل الأدعية والأذكار، أن أصل سالمة إلى وجهتي، فتلك السيارة التي يمتلكها أخي الأصغر لا ينفع معها سوى مسمى “سيارة الرعب”. لكم أن تتخيلوا الموقف في سيارة زجاجها معتم لدرجة أني لم أكن أستطيع أن أنظر في المرايا الجانبية، كان تلويناً يخالف القانون بشكل صارخ، وما زاد الطين بلة أن هناك عطلاً (مقصوداً ربما) في شاشة السائق، ولم أستطع أن أعرف على أي سرعة كانت السيارة تتحرك. ملأ الخوف قلبي من الشرطة قبل أن أخشى على حياتي، فجل اهتمامي كان أن لا أحصل على مخالفة بعشرة آلاف درهم، وأن أعيد السيارة سالمة للبيت لأتصرف بعدها مع أخي المراهق. دافع شقيقي عن وجهة نظره، فهذه السيارة كانت معروضة للبيع، اشتراها شخص غيره بهذا الشكل ولكنه لم يستطع إكمال المبلغ، إذن فالمتهم ليس شقيقي. في مطلق الأحوال تصرفات الشباب الطائشة تلك تعرض حياة الناس للخطر، والغريب أن لا متعة في الأمر، كانت قيادة سيارة الرعب مجازفة بلا آخر الخوف من انعدام الرؤية في المرايا الجانبية أشعرني بعدم الثقة في نفسي، كنت حذرة ومتوثبة لأي خطأ، انتفت كل متعة في الطريق ولم يكن نصيبي إلا التوتر. شباب كثيرون يلونون سياراتهم بهذا الشكل، وربما أسوأ، لكن السؤال ما الذي يستحق المجازفة، وما هو الشيء الممتع في القيادة متوتراً منزعجاً خائفاً من مرور أي دوية شرطة بجوارك. قبل يومين احتجزت إدارة المرور سيارتين فاخرتين تتسابقان في الطريق، والمفاجئ أن السرعة كانت خارقة حتى على الشارع الذي يعتبر من أسرع شوارع الإمارات فمعدل السرعة المسموح به كان 160 كيلو متراً هناك. قضيت في السنوات الثماني الماضية ما معدله ساعتين يومياً في الشارع العام، وتعايشت مع أجواء الطيش والسرعة، كذلك صادفت الكثير من عدم تركيز السائقين، ورأيت حوادث مريرة، ولا يمر أسبوع دون أن أرى حادثاً في الشارع، حتى أني صادفت بعض حالات الوفاة، ومع علمي بأن الشارع مجهز بأفضل التسهيلات، ويتميز بكبر حاراته وقلة تحويلاته، وبوجود سرعة مسموح بها يعتبر معدلها (مريحاً) للمتنقلين بين أجزاء أبوظبي المترامية الأطراف، أجد أن قائدي السيارات يلعبون دوراً كبيراً في الحوادث التي تصادفهم، فمع كثير من الطيش وقليل من الاهتمام والتركيز تصبح الحوادث نتيجة حتمية، خاصة لأصحاب سيارات الرعب من مثل تلك السيارة التي نزعت تلوينها بيدي بمجرد وصولي للبيت.