كثيرة هي البيانات التي تصدر عن الجهات والهيئات العاملة بالرياضة، وكثيراً ما تكون «بروتوكولية» لا تحمل جديداً، وإنما أشبه بالتوثيق لشيء ما أو موقف ما، أو أنها تسير في ركاب بيانات سابقة، تأتي تأكيداً لها، غير أن البيان الأخير لنادي الوصل والذي طالب فيه الأندية بالرجوع إلى الشرعية وعدم التعامل مع أي من اللاعبين المرتبطين مع النادي بعقود سارية، وضرورة دخول البيوت من أبوابها، والتفاوض بشأنهم مع الإدارة، لم يكن بياناً، بقدر ما كان صرخة أطلقها النادي، وسار في ركابه غيره، وخاصة الشرقاوية، الذي أشادوا بالأمس على لسان المدير التنفيذي للنادي ببيان الوصل وطالبوا أيضاً بتفعيله. وفي أحيان كثيرة، تكون مثل هذه الخروقات حديث القاصي والداني، ولكننا نرفض الحديث عنها، لدرجة أنها وهي ظاهرة تبدو وكأنه لا أساس لها، وأعتقد أن اتحاد الكرة، وهو البيت الكبير للعبة، هو المنوط به التصدي لمثل هذه الظاهرة ومعاقبة من يتسبب فيها أو يتجاوز مثالية العلاقة بين الأندية، بعضها البعض، وهو يقوم بهذا الدور بالفعل، ولكن ليس مطلوباً منه أن يكون مخبراً سرياً أو أن يقرأ النوايا ويحاسب على «الهم بالفعل» وليس الفعل. ولذا فإن صلب المشكلة، تناط بها الأندية، التي عليها أن تتحدث وأن تشكو وأن تتكلم، بدلاً من أن تتطلب منا أو من غيرنا أن نستأسد بينما بعض منها قد يغض الطرف عن تجاوز هنا وآخر هناك، والمعنيون باللعبة يعلمون ما أقصد، ويعلمون أنه ليس بالإمكان في غالب الأحيان الإمساك بهذه التجاوزات المطاطية، والتي تحتمل تأويلات كثيرة، ولا تصبح مشاعاً للإعلام أو مصدراً للشكوى إلا في حالة عدم رضا طرف من الأطراف عن صفقة كان يعلم بها وربما تخص أحد لاعبيه. ما أقصده، أنه لا يجب أن يكون فهمنا لدخول البيوت من أبوابها، مجرد رضا الناديين المعنيين ومعهما اللاعب، وإنما لابد من احترام كامل اللوائح، لأنها السقف الذي يستظل الكل به، فإذا حددت اللوائح مواعيد للتفاوض، فلابد من الالتزام بها، فمنظومة الكرة الإماراتية، وقد سارت طريق الاحتراف، لم يعد مقبولاً ولا لائقاً بها أن تعود لأفكار الهواية و«الخواطر» التي قد تحكم في بعض الأحيان علاقات الأندية بعضها ببعض وعلاقاتها باللاعبين. المطالبة بضرورة التزام الأندية بميثاق الشرف وعدم اللجوء للأساليب الملتوية التي تمثل خرقاً للقوانين واللوائح الدولية، من المفترض أنه قاعدة انطلقنا منها منذ زمن ولسنا في حاجة لتكرارها اليوم من جديد، ولكن يبدو أن الأمور ليست وردية كما نراها أحياناً، والواضح أن بعض الأندية تعاني، لا سيما في ظل فارق الإمكانيات، الذي يجعل نادياً ما قادراً على تحقيق ما يريد وقتما يريد، وآخر ربما يكتفي بموقف المتفرج وهو يرى ذخيرته من اللاعبين تتفلت من بين يديه. تلك المشكلة ليست خاصة بنا وحدنا، وليست ظاهرة إماراتية، فالكثير من الدوريات حول العالم تشكو منها من آن لآخر، فالكثير من الأندية في عالمنا العربي يسيطر على أغالب النجوم، ويسعى لتكديسها دون الاستفادة منها، ولكن بطبيعة الحال هذا الأمر يجب أن لا يظهر في ساحتنا، لأن الضوابط بيننا أقدم من الاحتراف وأهم من الاحتراف. كلمة أخيرة الاحتراف له لوائح قد نناقشها، وله أخلاقيات لا تقبل النقاش. mohamed.albade@admedia.ae