من جديد أعود للكتابة عن الجزيرة، ويبدو أننا سنظل أياماً نتحدث عنه، فما حققه أمام الوحدة في نهائي الكأس كان أشبه بالزلزال الذي لابد وأن تكون له توابع، فالأمر ليس في مباراة أو نهائي بطولة، ولكن حقيقة الأمر أننا كنا أمام بطل جديد للكرة الإماراتية سيفرض كلمته طويلاً إن واصل الأداء بذات النسق المرعب. والتهنئة واجبة لسمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في المنطقة الغربية الرئيس الفخري لنادي الجزيرة، بعد أن أثلج لاعبو الجزيرة صدور كل عشاقهم برباعية «الصدمة والرعب» التي تحققت أمام فريق كبير بحجم الوحدة، وهي رباعية مثلما أسعدت الجزراوية، ألقت بظلالها على «العنابي»، سواء لاعبين أو جهازاً فنياً. أما ربان الدفة، سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شؤون الرئاسة، رئيس النادي، فلا شك أن الرضا يغمره الآن، وقد اطمأن سموه على سلامة العمل الدائر في القلعة الجزراوية، والذي أثمر هذا الأداء المبهر في نهائي أغلى البطولات، كأس صاحب السمو رئيس الدولة. وقد تابعت مثلما تابع كل محبي الكرة في الإمارات عامة والجزراوية خاصة تصريحات سموه بعد المباراة، والتي قال فيها سموه إن الدوري لم ينته بعد وإن المباريات المتبقية لا تزال تحمل الكثير، وهي تصريحات تنم عن واقعية، ومنهجية في العمل، أجزم أنها التي قادت العنكبوت لأرفع منصة أمس الأول في ستاد مدينة زايد الرياضية. ويبدو الجزيرة مؤهلاً جداً لإضافة الدرع إلى الكأس، حتى تكون انطلاقته في سماء الكرة الإماراتية مبهرة، وحتى يدشن عهداً جديداً، يكون فيه العنكبوت مثلما تريد جماهيره، وعندها ستصبح الفرصة متاحة أكثر كي يحلق في سماء آسيا، فالفريق من وجهة نظري وجه مجمل تركيزه إلى الساحة المحلية من أجل أن يجد لنفسه حائطاً من البطولات يرتكز عليه، ويكون بوابته إلى اسيا، واليوم، وقد فرض نفسه بطلاً من أبطال كرة الإمارات، سيكون منطقياً بعدها أن يلعب في آسيا برؤية مختلفة وطموح مختلف وشهية أخرى.. شهية اأبطال. لم يكن الجزيرة أمس، يطلب الكأس وفقط، وإنما كان يعوض سنيناً مضت، كان خلالها قريباً جداً من الهدف، لكنه يتفلت من يديه في الوقت الأخير، وكأني به هذا الموسم، يتخلص من العديد من السلبيات التي أحاطت به بعد أن بات أكثر نضجاً وإصراراً، فلا هو يعرف الأمتار الأخيرة، ولا الأولى، وإنما صنع لنفسه مقاييسه الخاصة، ونسقه الخاص، ولا عجب أن نراه أفضل من يقدم كرة في الإمارات حتى الآن. مهما تنوعت الميول، ترى الجماهير دائماً وباختلاف انتماءاتها تقر بالموهبة وتحترم العطاء وترفع القبعات «إن وجدت» للمبدعين، وهكذا كان الجزيرة أمس الأول، وحتى بالنظر إلى مجمل المباراة وإلى فرص الوحدة الضائعة وقتاله الشرس، فكل ذلك أضاف بعداً مهماً لإنجاز الجزيرة، فعلى الرغم من قوة المنافس، تحقق النصر بالأربعة، وهي ليست قليلة، لا سيما إن كان المنافس هو الوحدة، حامل لقب الدوري في الموسم الماضي. بطولة الجزيرة التي حققها أمس الأول بأكثر من طعم، وتصلح أن تكون نقطة انطلاقة، على الفريق نفسه أن يكون أول من يتمسك بها، فقد كان بحاجة فقط إلى أن يعرف الطريق، والآن وقد عرفه، بات عليه أن ينطلق. كلمة أخيرة: هناك إنجاز يمنحك السعادة بعض الوقت، وإنجاز آخر يفتح لك أبواب المجد ويكون مقدمة لإنجازات أخرى، وفي الحالتين أنت من يحدد ومن يقرر. mohamed.albade@admedia.ae