انهيار خيمة التسوق التي أقيمت في منطقة الخبيصي بمدينة العين الليلة قبل الماضية، يفتح أمامنا مجدداً الحديث حول طريقة الفعل ورد الفعل، التي ما زلنا نتعامل بها مع أمور وقضايا السلامة العامة، على الرغم من الحملات واسعة النطاق التي تقوم بها وزارة الداخلية وأجهزتها المعنية، وفي مقدمتها الإدارة العامة للدفاع المدني التي مازالت تنفذ أكبر حملة للوقاية والسلامة المنزلية تشهدها الدولة.
الليلة قبل الماضية تسببت العاصفة القوية التي ضربت مناطق من البلاد في اقتلاع الخيمة الكبيرة المنصوبة بالخبيصي، وانهيار أجزاء منها، مما أدى إلى إصابة أكثر من 42 شخصاً ممن كانوا موجودين في المكان.
أجهزة الدفاع المدني والإسعاف ودوريات الشرطة عندما تقع حادثة كهذه تبادر فوراً لتوضيح سرعة حركتها ووصولها إلى المكان، وسرعة إسعاف المتضررين وإخلائهم. وكأنما تضع نفسها في موقف الدفاع عن أدائها في وقت لا ينتاب أي متابع أدنى شك في هذا الاتجاه، ونحن نعرف حجم الإمكانات الكبيرة المتوافرة لديها، والمستوى الرفيع من الإعداد والتأهيل والتدريب التي تتمتع به، وجعلها في مستويات عالمية من الأداء والاحترافية. إلا أن ما نود التأكيد عليه هو أهمية إيلاء الجانب الوقائي الاهتمام لدرء مثل هذه الحوادث عندما يتعلق الأمر بإقامة مثل هذه الخيام، والتي لا ترخص أصلاً إلا بموافقة إدارات الدفاع المدني، وهي تتشدد في إجراءاتها، وتعتمد نوعية من الخيام المقاومة للحريق، والتي يفترض أنها أصبحت إلزامية بعد كارثة خيمة العرس التي وقعت في دولة الكويت الشقيقة صيف العام 2009. وغني عن القول أهمية الجانب الوقائي، وهو المسار الذي يفترض ألا يقل الاهتمام به عن بقية المسارات التي ُتعنى بها إدارات الدفاع المدني من حيث الجاهزية العالية المادية منها أو البشرية.
كما أن “خيمة الخبيصي” تطرح أمامنا مجدداً استمرار ظاهرة خيام التسوق، التي يفترض أن الزمن قد تجاوزها اليوم بعد انتشار المراكز التجارية العصرية والأسواق الحديثة في كافة مدن الدولة. إلا أن بعض القائمين على إقامة هذه الخيام يراهنون على إقبال شريحة من المتسوقين والمستهلكين عليها لاعتقادهم أنها تعرض بضائع وسلعاً بأسعار أرخص وأقل عن المحال العادية في الأسواق، لأن تكلفة عرض السلع فيها أقل. ويغفل هؤلاء عن حقيقة استغلال الكثير من المنافذ التجارية لهذه الخيم لتصريف سلعها التي يكون قد انتهى موسمها أو قاربت صلاحيتها على الانتهاء. وفي أحايين كثيرة تكون هذه السلع المعروضة بمواصفات وجودة متدنية عن غيرها المعروضة في الأسواق المتابعة من قبل أجهزة البلدية والرقابة الغذائية وغيرها، والتي تولي مثل هذه المسائل الاهتمام والمتابعة. وربما تكون هذه القناعات غير حقيقية ونحن نلمس مقدار الجهد المبذول من هذه الأجهزة، والتي تؤكد في مختلف المناسبات عدم التهاون كل ما له علاقة بصحة الإنسان، ولا سيما السلع الاستهلاكية والاشتراطات الخاصة بطرق تسويقها وتخزينها وأساليب عرضها.
حادثة “خيمة الخبيصي” تذكرنا مجدداً، بأهمية مراجعة هذا الأسلوب التسويقي، واشتراطات الترخيص للأنشطة التي تقام في الخيم حرصاً علي سلامة الإنسان أولاً وأخيراً.


ali.alamodi@admedia.ae