تابعت يوم أمس الأول فعاليات اليوم المفتوح الذي نظمه معهد “مصدر”، الذي يعتبر جزءاً من المدينة التي ستكون الأولى من نوعها في العالم، الخالية من الانبعاثات الكربونية. وتمثل صورة من صور التزام الإمارات بالطاقة المتجددة والطاقة النظيفة، لا سيما وأن هذه المدينة تحتضن مقر المنظمة الدولية للطاقة المتجددة “أيرينا” والتي اختيرت أبوظبي مقراً رسمياً لها خلال قمة المنظمة التي احتضنتها عاصمتنا الحبيبة مؤخراً.
وبصراحة فوجئت بحجم الإقبال الكبير من الطلاب وأولياء الأمور وأفراد الجمهور الذين توافدوا على فعاليات اليوم الذي امتد من العاشرة صباحاً وحتى السادسة مساءً، للتعرف على البرامج الأكاديمية والمستويات الدراسية من التعليم العالي التي يقدمها المعهد. وهو إقبال يكشف فعالية الترويج والتعريف الذي قامت به الدولة لعلوم الطاقة المتجددة، تحت شعار “عِلْمٌ يغير العالم” وهو يلامس أهم تحديين لمستقبل الإنسانية والبشرية والمتعلق بآثار الاحتباس الحراري وازدياد الطلب على الطاقة. وهي تحديات تتطلب المزيد من الاستثمار في الإنسان من أجل إعداد كوادر بشرية على أرفع مستويات الإعداد والتأهيل تكون قادرة على ترجمة توجهات أبوظبي في مجال الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة وإيجاد الحلول للتحديات البيئية الراهنة.
وعندما تتجول في مرافق المدينة والمعهد تلمس حجم الجهد والاستثمار باتجاه “إنشاء مؤسسة أكاديمية بحثية رفيعة المستوى تجمع بين التعليم العالي والبحث العلمي وتساهم في إعداد أجيال جديدة من القادة والمفكرين المبدعين المختصين في مجالات الطاقة المتجددة وتقنيات الاستدامة”، وفي الوقت ذاته “ترسيخ مكانة أبوظبي كمنارة للعلم والمعرفة ومحرك للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة في المنطقة وفي العالم”.
والزائر للمعهد يستوقفه “البارجيل” الذي أقيم في قلب المكان، يزاوج بين العصر ونمط معماري كان الأجداد يستخدمونه في تلك الأيام الغابرة، لتذكير أجيال اليوم بما كان عليه الحال قديماً.
وقد صُمم البرج بطريقة عصرية جذابة تحمل في الوقت ذاته رسالة راقية وسامية تحرص إمارات الخير والمحبة والوفاء على التأكيد عليها في مختلف المناسبات بأن الانفتاح على العصر وعلومه وأدواته يجب ألا يكون على حساب الهوية الوطنية وارتباط الإنسان ببيئته وتاريخه، وما “البارجيل” إلا صورة من صور ارتباط إنسان هذا الوطن ببيئته وجذوره، وصورة لتفاعله مع تلك البيئة في مراحل مبكرة من تاريخ المنطقة، حيث تعايش الإنسان وتعامل مع بيئة مناخية في غاية القسوة.
لقد كانت فعاليات اليوم المفتوح للمعهد الذي يعد أحد رهانات المستقبل، غنية بالفعاليات المتنوعة، ونجحت في الوقت ذاته في استقطاب شرائح واسعة من الطلاب من مختلف الجنسيات، لتجسد مقدار الاهتمام المتقدم الذي أصبحت تحظى به قضايا البيئة والتحديات التي تمثلها، وبحث الإنسان عن بدائل آمنة ونظيفة، وقد ألقت واقعة المحطة النووية اليابانية في فوكوشيما بظلالها على المراجعات الدولية لمسائل الطاقة على مستوى العالم. وإذا كانت هناك من ملاحظة تتعلق باستعدادات المعهد ومستوى التنظيم فإنها تتعلق بالتضارب في المعلومات بين طاقم الفريق المشارك اليوم، والذين كانوا في المنصات التي أعدت لاستقبال ضيوف “اليوم المفتوح”.


ali.alamodi@admedia.ae