في ضباب العالم وتفاعلات أدخنته المريبة من حق دول الخليج العربي أن تستريب من أي كلام غريب، ولابد لها أن تتوجس من أي تصريح فيه تجريح للسيادة والأمن ولابد لها أن تنظر بعين الحذر والحيطة إلى أي كلام فعله أشد وطأة من الرصاص.. فلا تستطيع هذه الدول أن تضع الغبار تحت السجادة وتقول إن الهواء نظيف، بل إن هناك من يعبث وهناك من يغث، وهناك من ينتهز الفرص ليعكر ويكدر ويحير الفهيم من أمره.. دول الخليج العربي جزء مهم من هذا العالم المترامي والمحتدم بإشكالات تهيض المضجع، لذا فإن أمنها يحتاج منها الصحوة وسلامة شعبها تحتاج منها نسيان الغفوة، فلا يحق للائم أن يلوم ولا لمساوم أن يسوم المنطقة بأعتى الأوصاف والنعوت.. هذه المنطقة يجب أن تعيش بسلام ووئام وانسجام رغماً عن أنف الذين يريدون بيع المبادئ في السوق السوداء ويتاجرون بالقيم والشيم ويعتبرون القوة العسكرية الضامن الوحيد لكبريائهم المزعوم، الأمر الذي يفرض على شعوب المنطقة وحكوماتها الوقوف صفاً واحداً بهمة العاشقين لأوطانهم، وأن لا يكون لألوان الطيف الطائفية أو العرقية مجال لإجهاض الحس الوطني لدى شعوب تعايشت واندمجت على مدى التاريخ، فلا عيب في هذه الفسيفساء لأنه لا يوجد شعب في الدنيا ينتمي إلى الجنس الآري، إنما العيب في النزعات المريضة وإرهاصات البارانويا التي تؤججها جهات ذات مصلحة.
فمنذ فجر التاريخ ومنطقتنا تستقبل الناس أجمعين بصدور رحبة ونفوس راضية مرضية، والتعايش تحت خيمة الوطن الواحد والعمل بجد وإخلاص لأجل نهوض الوطن الواحد.
اليوم وبعد هذه النعرات المشؤومة كان لابد أن تقف الحكومات مع شعوبها في مواجهة الأصابع الخفية وأن تعمل جاهدة لأجل حماية المكتسبات وحفظ المنجزات بكل ما تملك، فالمصير الواحد يفرض على دول الخليج العربي التداعي لأجل السلامة العامة وسد الثغرات لمنع تسرب إشعاعات الهواء الفاسد، حماية لضمائر الناس وأفكارهم من الملوثات ومن أوبئة التدخلات في الشؤون الخاصة لهذه الدول.
من حق هذه الدول أن تحترس وأن تتوخى الحذر، فكونها دولاً محبة للسلام مبنية على نشر الإخاء بين دول العالم فهذا لا يعني قبول التطاول من الآخرين، وكونها دولاً تعايشت مع الآخر بكل شفافية فلا يعني هذا أن تقبل من يتحدى إرادتها ويضع نفسه وصياً على قراراتها السيادية، وكل ما يهم ويشمل حقها المشروع في العيش حرة وبلا منغصات تجلبها رياح الحقد والكراهية.. من حق دول الخليج أن تعنى كثيراً بما يهم دول مجلس التعاون بحكم الارتباط التاريخي والجغرافي والاجتماعي.



marafea@emi.ae