الطلاق أحد أهم معوقات بناء واستقرار الأسر بالدولة، وهو أحد العوامل الرئيسية في هدم الأسر بعد تكوينها، مما يعني أنه من أدوات هدم الأسر وتفكيكها وتشريد أفرادها، وعالة جديدة على المجتمع، وما أمسّ حاجتنا إلى تعزيز الأسر واستقرارها لدعم بناء أسر سويّة وصالحة تخدم المجتمع وتساهم بشكل فاعل في بناء وتعديل الخلل الذي نعانيه في التركيبة السكانية، والذي فرض علينا لعدة أسباب، منها، كما أرى، حالات الطلاق التي نراها مرتفعة في الدولة لأسباب عديدة.
ونسعد جميعاً بتراجع حالات الطلاق وانخفاض معدلاتها في مجتمعنا، لما لذلك من تأثير إيجابي على استقرار الأسر، ويوم أمس الأول أعلنت دائرة القضاء بأبوظبي عن تراجع نسبة الطلاق بالعاصمة بنسبة ضئيلة، لكنه تراجع، إذ انخفض عدد حالات الطلاق من ألف وسبعمائة وتسع وسبعين حالة في عام 2009 إلى ألف وسبعمائة وتسعة وستين في العام الماضي، مما يعني أنه في عام واحد تراجعت حالات الطلاق بعشر حالات، كما قامت الدائرة بتوثيق خمسة آلاف وثمان مائة وثمان وأربعين حالة زواج في العام الماضي بانخفاض 1,1% عن عام 2009، الذي وثقت فيه الدائرة خمسة آلاف وتسعمائة وإحدى عشرة حالة، وهو مؤشر سلبي بكل تأكيد، ونتمنى أن ترتفع فيه نسبة الزواج، وندحض رؤية من يقول إن الزواج هو السبب الرئيسي للطلاق!!
وما استوقفني في الإحصائية التي أصدرتها دائرة القضاء أن نسبة الطلاق بين المواطنين هي الأعلى بين جميع الجنسيات المسلمة الأخرى، رغم تواضع عددنا مقارنة بإجمالي عدد أفراد الجاليات بالدولة، وهو ما يحتاج إلى وقفة، فمن حالات الطلاق العشر بالعاصمة كان نصيب المواطنين منها حوالي 43%، رغم المحاضرات والندوات والجهود التي تبذلها الجهات الحكومية المعنية لتعزيز الترابط الأسري وتقوية العلاقات الأسرية والعمل على زيادة حالات الزواح والتقليل من حالات الطلاق، وفي مقدمتها مؤسسة “صندوق الزواج” التي تبذل جهوداً مضنية في سبيل تشجيع وتعزيز الزواج بين المواطنين، فزادت وتنوعت برامجها وأنشطتها في الفترة الأخيرة، ولم يقتصر دورها على توزيع الشيكات ومنحة الزواج، فقامت بتنظيم الندوات والمحاضرات للعمل على تأسيس أسرة قائمة على قاعدة قوية، منطلقة من القناعة والتفاهم والمبادئ التي يعززها مجتمعنا وعادتنا وتقاليد المستمدة من التقاليد العربية الأصيلة التي تمجد وتقدس الأسرة والحياة الزوجية.
إن ما نحتاجه اليوم لمواجهة فوضى الحياة الاجتماعية، وتداخل مخرجاتها بمعطياتها، واختلاط حابلها بنابلها، وفي ظل اقترابنا من المجتمعات المدنية التي تسمى أنفسها متقدمة، وحرصنا على تقليدها تقليداً أعمى، ومجاراتها بكل ما تأتيه من سلوكيات وأنماط حياتية، بات يتوجب علينا العمل أكثر من أي وقت مضى لتأسيس أسر قوية متينة، تؤمن بجدواها وأهميتها في بناء المجتمعات، والنهوض بالمجتمعات المدنية، وتكوين أسر بأفراد قادرين على النهوض بالأوطان، ومواجهة التحديات، وما أكثرها! فالأسرة أساس المجتمع، ونواته التي ينطلق، ويبزغ منها قادة ومستقبل الغد.


m.eisa@alittihad.ae