بصراحة لا أعرف من هو ذاك الشخص الذي اقترح على النساء، واخترع لهن نفخ الشفة العليا، ولا أريد أن أعرف، لأنه لم يصنع خيراً، ولم يصمت، فلا جزاه الله خير الجزاء على تلك الفعلة التي جعلت من بعض النساء يبدو كالفقمة ليل نهار، لا تعرف متى تضحك، ومتى تغضب، فظلفة النافذة العليا مفتوحة على الدوام، بحيث لا تستطيع أن تقدّر ردة فعلها الحقيقية تجاه الأحداث، ورغم أن الجميع يؤكد لهؤلاء النساء أنهن في الماضي كن أجمل وأقرب إلى طبيعة المرأة الأنثى من “الوحرة” العطشانة، إلا أنهن يزدن الطين بِلة أو يزدن النفخ نفخاً، فلكي لا تزعل الشفة السفلى من نفخ أختها الشفة العليا، تسافر الواحدة منهن إلى بيروت، وتقول: “سايره أسوي شوبنج” أو تكون في عيادة أحد أطباء قلب الأمور، وشفط الدهون، وتشويه الحالات، وتقول: “كنت عند ربيعتي في دبي هالأسبوع”، المهم ما إن تعود حتى نتفاجأ أن الشفة السفلى منفوخة ومقلوبة، تقول حياة تلك المطربة، ومرات براطم تلك المطربة تظهر قياساً لبراطمها وكأنها تشبه شفة الأرنب الصغير من كثر ما نفخوا فيها بالأبر والمواد السائلة الزلالية “كولاجين”، المهم تصبح الواحدة تقول حاملة رطل رصاص في شفتها، كاشفة عن لثتها، حتى أن كلامها يعوجّ، وحديثها يظهر كالذي يتعتع من السكر.
وحين تسأل: “شو كاضنكن على هذا؟ وإلا شو حادنكن عليه؟” تظهر التفسيرات الغبية، وحده تريد تنتفخ عشان تشبه هيفاء وهبي، ووحده عاجبتنها نانسي عجرم، واليوم الدائر في شوارع بيروت والمراقب لمسيرة النساء من السائحات والمقيمات يجد أنهن يتشابهن أو أنهن مقسمات على أشكال نموذجية لهيفاء ونانسي، زمان كنا نقول إن الأخوات يتشابهن ولا تعرف أن تفرق بينهن، الآن بنات الجيران، وصديقات المدرسة، وزميلات العمل يتشابهن حتى تكاد توقن أنهن ظهرن من بطن واحد أو من تحت مبضع جراح واحد بشكل أدق.
بصراحة زمان كانت سميرة توفيق واحدة ما في غيرها بتلك الغمازة والخدود الممتلئة بشكل رباني والعيون الوساع التي يزينها الكحل والشعر الأسود، اليوم كل مطربة جديدة تظهر يستنسخونها ويصدرونها شيء للخليج، وشيء لدول المغرب، وشيء لبلاد الشام، ومرات شيء لا يركب مع شيء، تشوف وحدة سويداء وضعيفونه، وتصبغ شعرها بلون شعر مارلين مونرو الذي نعرفه عليها، وليس الأصلي، لأن مارلين مونرو سمراء وشعرها أقرب إلى الأسود، فتصبح ظاهرة للعيان، مشعة في الأعلى، ووجهها منطفئ، وهنا لا يظهر الضد حسنه الضد، بل تظهر عفسه وشيفه ما يحلم بها أحد.
هل هو جنون؟ هل هو تقليد من لا يبصر؟ بصراحة مثل هؤلاء النساء أضعن ذوقنا العام، وأصبحنا نتشابه ومجبرين على ذوق موحد، فليس أمامنا إلا هيفاء ونانسي، طيب وسميرة توفيق وين؟


amood8@yahoo.com